كتاب تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد

كل امْرِئ محرم على غَيره إِلَّا بِمَا أحل لَهُ وَمَا أحل بِهِ من الْبيُوع مَا لم ينْه عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا يكون مَا نهى عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْبيُوع محلا مَا كَانَ أَصله محرما من مَال الرجل لِأَخِيهِ وَلَا تكون الْمعْصِيَة بِالْبيعِ الْمنْهِي عَنهُ تحل محرما وَلَا تحل إِلَّا بِمَا لَا يكون مَعْصِيّة هَذَا كُله لفظ الإِمَام الشَّافِعِي رض
ثمَّ ذكر بعد ذَلِك النَّهْي عَن شَيْء فِي أَمر مُبَاح كالنهي عَن اشْتِمَال الصماء وَعَن الْقرَان بَين التمرتين وَأَشْبَاه ذَلِك مِمَّا يخْتَص النَّهْي بمورده وَلَا يتَعَدَّى إِلَى تَحْرِيم الْأكل رَأْسا وَلَا تَحْرِيم لبس الثَّوْب على غير هَذَا الْوَجْه الْمنْهِي عَنهُ لِأَن الأَصْل فِي ذَلِك الْإِبَاحَة وَإِنَّمَا يَعْصِي فِي هَذَا النَّوْع بِفعل مَا نهي عَنهُ فَقَط كَمَا أَن وَطْء الزَّوْجَة أَو الْجَارِيَة فِي حَالَة الْحيض أَو الصّيام لَا يحرم عَلَيْهِ أصل الْوَطْء فِي غير صُورَة النَّهْي بِخِلَاف النَّوْع الأول لِأَن أصل مَال الرجل محرم على غَيره إِلَّا مَا أُبِيح لَهُ وَلذَلِك فروج النِّسَاء مُحرمَات إِلَّا مَا أبيحت بِهِ من النِّكَاح أَو الْملك على الْوَجْه الْمَشْرُوع فَإِذا لم يُوجد ذَلِك بَقِي التَّحْرِيم على أَصله

الصفحة 109