كتاب تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد

وَالْجَوَاب عَن الأول نمْنَع أَن هَذَا الحَدِيث لَا يُفِيد إِلَّا الظَّن بل أَحَادِيث الصَّحِيحَيْنِ لإِجْمَاع الْأمة على صِحَّتهَا وتلقيهم إِيَّاهَا بِالْقبُولِ تفِيد الْعلم النظري كَمَا يُفِيد الْخَبَر المحتف بالقرائن وَهَذَا هُوَ اخْتِيَار الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَق الاسفراييني وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ وَقَررهُ أَبُو عَمْرو بن الصّلاح وَقد ذكرته بدلائله فِي مُقَدّمَة نِهَايَة الْأَحْكَام
سلمنَا أَنه لَا يُفِيد إِلَّا الظَّن لَكِن لَا نسلم أَن هَذِه الْمَسْأَلَة مِمَّا يطْلب فِيهَا الْعلم بل هِيَ ظنية ويكتفى فِيهَا بِالظَّنِّ الرَّاجِح
سلمنَا أَنَّهَا علمية لَكِن إِذا انْضَمَّ هَذَا الحَدِيث إِلَى مَا يَأْتِي بعده أَفَادَ مَجْمُوع ذَلِك الْعلم إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَعَن الثَّانِي أَن عود الضَّمِير إِلَى الْفِعْل أولى لوَجْهَيْنِ أَحدهمَا أَنه أقرب مَذْكُور وَالثَّانِي أَن عوده إِلَى الْفَاعِل يسْتَلْزم أَن يكون الْمَرْدُود هُنَا أُرِيد بِهِ الْمجَاز لِأَن حمله على الْفَاعِل بِمَعْنى أَنه غير مثاب يكون مجَازًا بِخِلَاف مَا إِذا حمل على نفس الْفِعْل لِأَن رده يكون حَقِيقَة وخصوصا إِذا حمل على نفي الصِّحَّة والإعتداد بِهِ وَعدم ترَتّب أَثَره عَلَيْهِ
وَعَن الثَّالِث أَن نفي الْقبُول يلْزم مِنْهُ نفي الصِّحَّة لِأَن الْقبُول ترَتّب الْغَرَض الْمَطْلُوب من الشَّيْء على الشَّيْء يُقَال قبل فلَان عذر فلَان إِذا ترَتّب على عذره الْغَرَض الْمَطْلُوب من محو جِنَايَته وَلِهَذَا أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَفْي الْقبُول حَيْثُ المُرَاد نفي الصِّحَّة مثل

الصفحة 114