كتاب تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد

وَإِن كَانَ المُرَاد بالثمرات بَعْضهَا فَذَلِك الْبَعْض إِمَّا معِين أَو أَي بعض كَانَ وَالْأول بَاطِل اتِّفَاقًا وَأَيْضًا لَيْسَ فِي اللَّفْظ مَا يشْعر بِهِ
وَالثَّانِي يرد عَلَيْهِ ترَتّب بعض آثَار العقد الْفَاسِد كالقراض وَالْوكَالَة الفاسدين فَإِن التَّصَرُّف فيهمَا يَصح وَهُوَ بعض ثَمَرَات العقد فَيكون الْحَد غير مَانع
وَيُمكن الْجَواب عَنهُ بِأَن المُرَاد بِهِ جَمِيع ثَمَرَات العقد وَلَيْسَ المعني بِهِ التَّرْتِيب بِالْفِعْلِ بل بِالْقُوَّةِ وتخلف ذَلِك عَن الْمَبِيع قبل الْقَبْض أَو فِي زمن الْخِيَار لَا يرد لِأَن العقد وَإِن كَانَ صَحِيحا لكنه لم يتم حَتَّى يتَمَكَّن المُشْتَرِي من جَمِيع التَّصَرُّفَات فَتخلف ذَلِك لمَانع عَارضه لَا لفساد العقد
وَأَيْضًا فجواز تصرف الْعَامِل وَالْوَكِيل فِي الْقَرَاض وَالْوكَالَة الفاسدين لَيْسَ من ثَمَرَات العقد بل من ثَمَرَات الْأذن الَّذِي اشْتَمَل عَلَيْهِ العقد وَلِهَذَا يسْقط الْمُسَمّى وَيرجع فِيهِ إِلَى أُجْرَة الْمثل وَكَذَلِكَ القَوْل فِي الْخلْع وَالْكِتَابَة الفاسدين لَيْسَ النّفُوذ فيهمَا من ثَمَرَات العقد بل من التَّعْلِيق الَّذِي اشْتَمَل العقد عَلَيْهِ فَلم يَتَرَتَّب فِي هَذَا على العقد الْفَاسِد شَيْء ولهذه الْعُقُود عدل بَعضهم عَن الْعبارَة الْمُتَقَدّمَة فَقَالَ المُرَاد من كَون العقد صَحِيحا أَن يكون مستجمعا لجَمِيع أَرْكَانه وشرائطه وَمن كَونه فَاسِدا أَن لَا يكون كَذَلِك ليشْمل الْحَد جَمِيع مَا أَشَرنَا إِلَيْهِ وَرجح هَذِه الْعبارَة قَائِلهَا بمناسبتها للمعنى اللّغَوِيّ فان الصِّحَّة فِي اللُّغَة ضد السقم فَالصَّحِيح من الْحَيَوَان مَا هُوَ على الْحَالة الطبيعية الَّتِي هِيَ أكمل أَحْوَاله وَالْفساد هُوَ الْخُرُوج عَن ذَلِك فَالْعقد المستجمع لِأَرْكَانِهِ وشرائطه صَحِيح

الصفحة 71