كتاب التحف في مذاهب السلف ط الصحابة

مِنْك مَا سمعته وَلَا جرى الْقَلَم بِمثلِهِ هَذَا أَبُو عَليّ وَهُوَ رَأس من رؤوسهم وركن من أركانهم واسطوانة من اسطواناتهم قد حكى عَنهُ الْكِبَار وَآخر من حكى عَنهُ ذَلِك صَاحب شرح القلائد (وَالله لَا يعلم من نَفسه إِلَّا مَا
يعلم هُوَ) فَخذ هَذَا التَّصْرِيح حَيْثُ لم تكتف بذلك التَّلْوِيح وَانْظُر هَذِه الجرأة على الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الَّتِي لَيْسَ بعْدهَا جرْأَة فيا لأم أبي عَليّ الويل أنهيق مثل هَذَا النهيق وَيدخل نَفسه فِي هَذَا الْمضيق وَهل سمع السامعون بِيَمِين أفجر من هَذِه الْيَمين الملعونة أَو نقل الناقلون كلمة تقَارب معنى هَذِه الْكَلِمَة المفتونة أَو بلغ مفتخر إِلَى مَا بلغ هَذَا المختال الفخور أَو وصل من يفجر فِي إيمَانه إِلَى مَا يُقَارب هَذَا الْفُجُور وكل عَاقل يعلم أَن أَحَدنَا لَو حلف أَن ابْنه أَو أَبَاهُ لَا يعلم من نَفسه إِلَّا مَا يُعلمهُ هُوَ لَكَانَ كَاذِبًا فِي يَمِينه فَاجِرًا فِيهَا لِأَن كل فَرد من النَّاس ينطوي على صِفَات وغرائز لَا يحب أَن يطلع عَلَيْهَا غَيره وَيكرهُ أَن يقف على شَيْء مِنْهَا سواهُ وَمن ذَا الَّذِي يدْرِي مَا يجول فِي خاطر غَيره ويستكن فِي ضَمِيره وَمن ادّعى علم ذَلِك وَأَنه يعلم من غَيره من بني آدم مَا يُعلمهُ ذَلِك الْغَيْر من نَفسه وَلَا يعلم ذَلِك الْغَيْر من نَفسه إِلَّا مَا يُعلمهُ هَذَا الْمُدَّعِي فَهُوَ إِمَّا مصاب الْعقل يهذي بِمَا لَا يدْرِي وَيتَكَلَّم بِمَا لَا يفهم أَو كَاذِب شَدِيد الْكَذِب عَظِيم الافتراء فَإِن هَذَا أَمر
لَا يُعلمهُ غير الله سُبْحَانَهُ فَهُوَ الَّذِي يحول بَين الْمَرْء وَقَلبه وَيعلم مَا توسوس بِهِ نَفسه وَمَا يسر عباده وَمَا يعلنون وَمَا يظهرون وَمَا يكتمون كَمَا أخبرنَا بذلك فِي كِتَابه الْعَزِيز فِي غير مَوضِع فقد خَابَ وخسر من أثبت لنَفسِهِ من الْعلم مَا لَا يُعلمهُ إِلَّا الله من عباده فَمَا ظَنك بِمن تجَاوز هَذَا وتعداه وَأقسم بِاللَّه سُبْحَانَهُ أَن الله لَا يعلم من نَفسه إِلَّا مَا يُعلمهُ هُوَ وَلَا يَصح لنا أَن نحمله على اختلال الْعقل فَلَو كَانَ مَجْنُونا لم يكن رَأْسا يَقْتَدِي بقوله جماعات من أهل عصره وَمن جَاءَ بعده وينقلون كَلَامه فِي الدفاتر ويحكون عَنهُ فِي مقامات الِاخْتِلَاف وَلَعَلَّ أَتبَاع هَذَا وَمن يَقْتَدِي بمذهبه لَو قَالَ لَهُم قَائِل وَأورد عَلَيْهِم مورد قَول الله عز

الصفحة 22