كتاب التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل (اسم الجزء: 2)
هذا ولم ينكروا على ابن درستويه حديثاً واحداً مما حدث به عن الدوري فدل ذلك على أن تلك الأحاديث ثابتة عن الدوري حتماً، وإنما زعم من لا يُدرى من هو أن ابن درستويه لم يسمع من الدوري، وقد علمت إمكان سماعه منه، فإن ثبت أن ابن درستويه ثقة - وسنثبته إن شاء الله تعالى - ثبت السماع.
أما ما شأنه مع يعقوب بن سفيان فقد علم بما مرّ أنه لما توفي يعقوب كان سن ابن درستويه نحو عشرين سنة لكن قال الخطيب: «سألت البرقاني عن ابن درستويه فقال. ضعفوه لأنه لما روى (التاريخ) عن يعقوب بن سفيان أنكروا عليه ذلك وقالوا له: إنما حدث يعقوب بهذا الكتاب قديماً فمتى سمعته؟ !» . ولم يبينوا تاريخ تحديث يعقوب بـ (التاريخ) فقد يكون حين كان سن ابن درستويه اثنتي عشرة سنة أو نحوها واستبعدوا أن يكون سمع حينئذ لصغره، وعلى هذا يدل قول الخطيب عقب ما حكاه عن البرقاني، قال: «في هذا القول نظر لأن جعفر بن درستويه من كبار المحدثين ... فلا يستنكر أن يكون بكر بابنه في السماع من يعقوب بن سفيان» ثم استأصل الخطيب الشأفة واقتلع الجرثومة بقوله «مع أن أبا القاسم الأزهري حدثني قال رأيت أصل كتاب ابن درستويه بتاريخ يعقوب بن سفيان لما بيع في ميراث ابن الآبنوسي (1) فرأيته أصلاً حسناً ووجدت سماعه فيه صحيحاً» ، والأزهري من أهل المعرفة والتيقظ والثقة والأمانة ترجمته عند (الخطيب) ج10 ص385. فثبت السماع وبطل النزاع.
فأما حال ابن درستويه فتضعيف اللالكائي له قد بين وجهه، وهو قَوْله «بلغني ... » وقد علمت أنه ليس في ذلك حجة، وقول البرقاني «ضعفوه» قد بين وجهه، وهو استبعادهم أن يكون سمع (التاريخ) ، وقد ثبت سماعه له فزال سبب التضعيف. على أنه لو لم يتبين أن ذلك هو وجه التضعيف لكان تضعيفاً مجرداً وهو جرح غير مفسر، وقد ثبت التوثيق. قال الخطيب: «سألت أبا سعد الحسين بن
__________
(1) بمد الألف وفتح الباء الموحدة أو سكونها وضم النون نسبة إلى (آبنوس) نوع من الخشب البحري. ن
الصفحة 507
992