كتاب تنزيه القرآن عن المطاعن

لأنه لا ناصر له وهذه حاله ولذلك قال بعده (وَ تَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ) فيتمنّون الرجعة لكي يؤمنوا وعند ذلك بين اللّه عز وجل أن المؤمنين يقولون (إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) اذا عاينوا ما أنزل بهؤلاء الظالمين ولذلك قال بعده (أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ وما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ) وقوله تعالى من بعد (وَ ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا) أحد ما يذكر في ان الرؤية على اللّه تعالى لا تجوز وإلا فقد كان أصح انه يكلم البشر على غير هذه الوجوه وربما قالوا في ذلك ما معنى قوله (إِلَّا وَحْياً) وهل معناه غير ما ذكر في قوله (أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا) وما معنى (أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ) والحجاب على اللّه تعالى لا يجوز. وجوابنا عن الاول أن المراد على وجه الخاطر والالهام وقد يوصف ذلك بأنه وحي من اللّه. وعن الثاني بأن الحجاب في نفس الكلام يصح وان كان على اللّه تعالى لا يصح وقوله تعالى من بعد (وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ ولَا الْإِيمانُ) أحد ما يدل على انه من قبل النبوة لم يكن مكلفا بشريعة ابراهيم ولا غيره ولا كان يعرف الايمان وقوله تعالى من بعد (يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) المراد به من يكلفهم دون غيرهم فلا يدل على انه تعالى هدى بعض المكلفين دون بعض ولذلك قال بعده (وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ومعلوم أنه هدى كل المكلفين.

الصفحة 376