كتاب تنزيه القرآن عن المطاعن

مخلوق للّه تعالى؟ وجوابنا ان إنزال النطفة ليس من فعل العبد عندنا ولذلك يختلف الحال فيه فمن النّاس من يمني أسرع ممّا يمني غيره كثر أو نقص وإذا كان ذلك من فعل اللّه وكذلك استقراره في الرحم فلا سؤال علينا في ذلك.
فإن قيل فما قولكم في قوله (أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَ أَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ) أ ليس ذلك يدل على أنّ الزّرع من فعل اللّه تعالى؟
وجوابنا أن الزرع اسم للنبات الظاهر وذلك من خلقه تعالى وإنما يفعل العبد مقدمته وبين ذلك أنه اضاف الحرث إليهم ثمّ أضاف الزرع إلى نفسه وبين ذلك انه عدّه في نعمه وطرح البذر ليس بنعمة وإنما النعمة النبات فأما قوله تعالى (وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ) فلا دليل للمشبهة فيه لأن الكلام فيمن حضره الموت فالمراد إذا إحاطة علمه بذلك فأما قوله تعالى (وَ تَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) فقد يقال فيه إن الكذب لا يجور عندكم في الآخرة فما معنى ذلك؟ فجوابنا ان المراد وصفهم بذلك في الدنيا فإن قيل فما تعلق بالكذب بالرزق. فجوابنا انهم كانوا يكذبون على المطر والغيم ويقولون إنا سقينا بنوء كذا فأنكر اللّه ذلك عليهم فأما قوله تعالى من بعد (وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ ولكِنْ لا تُبْصِرُونَ) فالمراد به الملائكة الموكّلة بقبض الأرواح وهو كقوله (وَ جاءَ رَبُّكَ) والمراد ملائكة ربك.

الصفحة 414