كتاب تنزيه القرآن عن المطاعن

سورة الحديد
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ والظَّاهِرُ والْباطِنُ) كيف يصح هذا الوصف للّه تعالى مع تضاده؟ وجوابنا ان المراد هو الاول لأنه لا موجود إلا موجود بعده وهو الآخر لأنه لا موجود إلا ويفنيه فيبقى بعده وكلاهما في وصف اللّه تعالى صحيح. ومعنى قوله والظاهر أنه المقتدر القاهر من ظهور القوم على الفعل كقوله (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ) ومعنى الباطن انه عالم بالسرائر وكل ذلك صحيح في أوصاف اللّه عز وجل ويدل قوله (هُوَ الْأَوَّلُ) على بطلان قول من يثبت للّه تعالى علما وقدرة وحياة وقدما لأنه لو ثبت ذلك لم يصح كونه اولا ويدل على انه تعالى يفني الخلق ليصح ان يكون آخرا إذا الأدلة قد دلت على ان الجنة لا يفنى ثوابها.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) ثمّ قال في آخر الآية الثانية (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) كيف يصح ان يقول آمنوا (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وجوابنا ان قوله (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) جعله تعالى شرطا في اخذ الميثاق لأنه صلّى اللّه عليه وسلم كان يأخذه بشرط الايمان ويحتمل ان يريد به إن رغبتم في الايمان وتمسكتم به وقوله تعالى (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلى عَبْدِهِ آياتٍ بَيِّناتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) احد ما يدل على ان مراده بإنزال القرآن إلى

الصفحة 415