سورة الحشر
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ دِيارِهِمْ) أنه يدل على ان اخراجهم من خلق اللّه. وربما قيل أيضا ما معنى (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) فسمى خروجهم حشرا؟ وجوابنا أنه تعالى لما فعل سبب إخراجهم أضيف ذلك إليه ولما أمر بإخراجهم أضيف اليه أيضا ولذلك قال تعالى (وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ) وذلك لا يصح الا والخروج من قبلهم وانما سمّاه حشرا من حيث وقع خروجهم على وجه الجمع والسوق كقوله تعالى (وَ الطَّيْرَ مَحْشُورَةً) وقوله تعالى من بعد (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ ورَسُولَهُ) يدل على قولنا لأن مشاقّة العبد للّه ورسوله بأن اللّه تعالى يخلق ذلك فيه لا تصح وقوله تعالى (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ ولِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) قد قيل فيه ان المراد بالاذن العلم وقد قيل بل المراد فبأمر اللّه ولذلك قال تعالى من بعد (وَ لِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ).
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وَ لَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) أ ليس ذلك كالمتناقض؟ وجوابنا أنه بين بقوله تعالى (ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) أنه لا نصرة يجدونها بعد هذه النصرة وعلى ذلك صح.