سورة الانفطار
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) كيف ينكر ذلك عليه مع وصفه نفسه بالكرم؟
وجوابنا أن المراد ما غرّك بذلك في ارتكاب المعاصي العظيمة ولذلك قال تعالى بعد ذكر نعمه (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) وهذا أحد ما يدل على قدرة العبد على أن يعصي ولو لا ذلك لم يصح أن ينسب إلى الاغترار وقوله تعالى (وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ) هو بعث للمرء على الطاعة لأنه إذا تحقق في كل ما يأتيه أنه محصى مكتوب في صحيفته محاسب عليه زجره ذلك عن فعله وقوله تعالى (وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ وما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) يدل على أن الفاجر من أهل الصلاة مخلد في النار لأنه إذا لم يغب عن النار ولم يمت فهو كائن فيها، ويدل على أن الشفاعة لا تكون منه صلّى اللّه عليه وسلم لهم وإلا لم يكن ليعم كل فاجر بهذا الحكم.
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) أن ذلك تكرار لا فائدة فيه؟ وجوابنا أنه لما ذكر الأبرار وما ينالونه من النعم والفجار وما ينزل بهم من العذاب جاز أن يقول (وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) فيما يظهر فيه للابرار (ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ) فيما يحصل فيه للفجار وذلك يفيد تعظيم شأن ذلك اليوم.