كتاب تنزيه القرآن عن المطاعن

سورة الاخلاص
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (اللَّهُ الصَّمَدُ) أ ليس في الرواية أنه المصمت الذي لا جوف له وذلك يدل على ما تقوله المشبهة؟ وجوابنا أن المروى عن ابن عباس أن الصمد السيد والمروى عن الحسن وغيره أنه الذي يصمد اليه في الحوائج ويفزع اليه في الطلبات وكلاهما من أوصاف اللّه تعالى التي تمنع من أن يكون جسما لان السيد الذي لا يتقدمه غيره في السؤدد وغيره لا يجوز أن يكون جسما ولأن من يفزع في الامور على كل حال لا يجوز أن يكون جسما. وفي الخبر ان بعض أهل الكتاب قالوا للنبي صلّى اللّه عليه وسلم أنعت لنا ربك أ من ذهب أم فضة فأنزل اللّه تعالى هذه السورة وبين لهم فيها فساد ما اعتقدوه لان قوله تعالى (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) يتضمن أنه الذي تحقّ له العبادة وذلك لا يصح إلا للقدرة على خلق من يستحق أن يعبده والانعام عليه بالعقل وغيره ثمّ قال في وصفه إنه أحد ولا يكون واحدا لا عديل له إلا وهو قديم لا يشبه الاجسام ولا مثل له ولا نظير في الآلهية وثمّ قال تعالى (اللَّهُ الصَّمَدُ) فأعاد ذكر الآلهية عند وصفه إليه في الأمور ثمّ قال تعالى (لَمْ يَلِدْ ولَمْ يُولَدْ) فبيّن أن ذلك مستحيل عليه ولو كان جسما لم يستحل عليه ذلك ثمّ قال تعالى (وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ليعلم انه لا نظير له ينازعه في الملك وهذا إذا تأمله المرء عرف دخول كل أوصاف اللّه تعالى من الوحدة والعدل في جملته لأن الآلهية تقتضي على الاجسام والفعل والحياة وغيرهما وتقتضي العلم بأن المكلف كيف يعبد وكيف

الصفحة 487