كتاب تنزيه القرآن عن المطاعن

سورة الناس
[مسألة]
وربما قيل في قوله تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ) أ ليس ذلك يدل على ان الشيطان يؤثر في الانسان حتى أمرنا بأن نتعوذ من شرّه وانتم تقولون إنه لا على شيء من ذلك؟ وجوابنا أنه تعالى بيّن أن هذا الوسواس من الجنّة والناس ومعلوم ان من يوسوس من الناس لا يخبط ولا يحدث فيمن يوسوس له تغيير عقل وجسم فكذلك حال الشيطان ومع ذلك فلا بد في وسوستهم من أن يكون ضرر يصح ان يتعوذ باللّه تعالى منه وهذا يدل إذا تأمله المرء على قولنا بان العبد مختار لفعله وذلك لأنه تعالى لو كان يخلق كل هذه الامور فيه لم يكن لهذا التعوذ معنى لأنه إن اراد خلق ما يضره فيه وخلق المعاصي فيه فهذا التعوذ وجوده كعدمه وانما ينفع ذلك متى كان العبد مختارا فاذا أتى بهذا التعوذ كان أقرب الى ان لا يناله من قبل الجنة والناس ما كان يناله لو لا ذلك.
[خاتمة في أسماء الله تعالى وأوصافه]
وقد ذكرنا في أول هذا الكتاب ان التالي للقرآن يجب أن يتأمل أسماء اللّه تعالى وأوصافه ويعرف معانيها على الجملة لينتفع بالدعاء والثناء ونحن الآن نذكرها على اختصار فإنا إن بسطنا القول فيها كان كتابا مجردا فاعلم أن في أم الكتاب خمسة أسماء منها قوله اللّه ومعناه أن العبادة لا تحق إلّا له من حيث انعم علينا بما لا يصح إلّا منه. من الخلق والقدرة والآلة والعقل حتى صرنا ممن يصح أن يعبده ويقوم بشكره. ومنها الرب ومعناه المالك لوجوه التصرف فيما هو ربه. ومنها الرحمن ومعناه المتناهى في الانعام الى الحد الذي لا

الصفحة 490