كتاب مجلة التنكيت والتبكيت

- 276 -

ابنائي شعثاً غبراً مدرجين في اطمار يالية فمكنتهم يد الاقدار من خدمة امرائي فتحلوا باللآلي ولبسوا مطارف الخز وركبوا جياد الخيل واصبحوا بين اهلي في كبرياء وعظمة ورغد عيش ونعمة كانهم من العائلات الحاكمة وهم في هذا الطريق يخربون بيوت ابنائي ويعمرون بيوتهم وينهبونهم ثم يطردونهم ويستعملونهم في الاشغال الشاقة بلا اجر ولا استحسان فقفلوا الكثير من الابواب واعدموا الالوف من الارواح وهم بين جاهل يتبع شهواته وغبي لا يرضى لذاته مقام الملوكية لو مكن منه يجوسون الديار للخراب لا للعمار ويدخلون البيوت للفجور لا للضيافة وابنائي يتقلبون على الجمر ولا يتأثرون ويرون تعذيب اخوتهم ولا يتحركون ويصبرون على الآلام ولا يتألمون كلما ظهر في وسطهم مخادع احتاطوا به واعترفوا بسيادته ومتى تنبهت افكارهم نزل عليهم بسوط العذاب وحبسهم في بئر الاستبداد واوقفهم تحت سحب مظالمه يمطرهم حجارة من نهب وسلب وقتل وتشريد وليته يحفظ لنفسه الحق عندي ويدفع عني الاجانب ويبخل بي على الغرباء حتى يبقى لابنائي معدن ثروة يستخرجون منه ما يستعين به على شهواته البهيمية ولكنه لا يحفظ حقي ولا ينظر في عاقبة نفسه ولقد كنت في يد الخائنين مصابة بامراض افرنجية اوقعني فيها اميري السابق فجلبت علي من الشرور ما لم يتل به احد غيري فجلست ابنائي
حولي تئن وتبكي وتندب رجال المجد والشرف وتنادي على هؤلاء الظلمة يالويل والثبور تضرب الكف بالكف ندما وتمشي الهوينا في الطرقات عدما قد ذهبت املاكها بلا مناوشة ولا قتال واصبحت بين الغرباء كا لا جير او الخادم المستعد فما رايت من قصر لطيف فذاك للمونيو وما نظرت من جفا لك واباعد فهذا للمستر وما بلغك من بنك ومتجر فهذا للخواجا وما سمعت من رفعة او انعام فهو للسنيور وقد صار الاسكاف عندنا مهندسا والمزين طيبا وخادم الخيل رئيسا وذليل بلاده عزيزا وطريدها محبوبا واهلي يجاهدون في خدمتي فتدركهم جهالة امرائي بالهزيمة ويرفعون رؤسهم جهة العلو فتظلم عليهم سحب الغفلة ونحجب عنهم شمس الحرية المنيرة
فلما سري الداء في عروقي مع دمي تضرعت الى الله تعالى فزحزح عني هذا التائه في اماله الغريق في شهواته ورزقني بالمولى التوفيقي الامير السيد اعزه الله فارتفعت اليه اعناق ابنائي تطاولا واستنجادا ومدت اليه الابدي طلباً للاصلاح والتماساً وانطلقت الالسن بمدحه والثناء عليه بما هو اهله وتعلقت به الآمال لما تعلمه من حسن طويته وطهارة باطنه وسلامة اعتقاده وحبه للعدل وحفظ مركزه المرتفع على عرشه العظيم فاختار حفظه الله للقبض على ازمة الامة اناسا منهم البار والفاجر فجلعوا ابنائي خلف ظهورهم وملاوني بقبعات ةطراطير وهادوا بكثير من ارضي وانعموا بجليل من مالي وشردوا العظماء من اهلي واخمدوا الانفاس واماتوا الهمم

الصفحة 310