كتاب تحفة المودود بأحكام المولود - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: الكتاب)
الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء/٣]. فدلَّهم
ــ سبحانه ــ على ما يتخلَّصونَ به من ظُلْمِ اليَتامَى، وهو نكاحُ ما طَابَ لهم من النِّساءِ البَوَالِغِ، وأباحَ لهم منه أربعًا (¬١).
ثم دلَّهم على ما يتخلَّصونَ به من الجَوْر والظُّلْم في عَدَمِ التَّسْوِيةِ بينهنَّ، فقال: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء/ ٣]. ثم أخبر ـ سبحانه ـ أنَّ الواحدةَ ومِلْكَ اليمينِ أدْنَى إلى عَدَمِ المَيْل والجَوْرِ. وهذا صريحٌ في المقصُودِ.
(السَّادس): أنه لا يلْتَئِمُ قولُه: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا} في الأربعِ، فَانكِحُوا واحدةً أو تسَرَّوا ما شِئْتُم بمِلْكِ اليمينِ، فإنَّ ذلك أقْرَبُ إلى أنْ لا تَكْثُرَ عِيَالُكُمْ، بل هذا أجنبيٌّ مِن الأوَّل، فتَأمَّلْهُ!
(السَّابع): أنَّه من الممتنع أنْ يُقَالَ لهم: إنْ خِفْتُم ألَّا تَعْدِلُوا بَيْنَ الأَرْبَعِ، فلَكُمْ أن تَتَسَرَّوا بمائة سُرِّيَةٍ وأكثرَ، فإنَّه أَدْنَى ألَّا تَكْثُرَ عِيالُكُم.
(الثامن): أنَّ قولَه: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} تعليلٌ لكلِّ واحدٍ من الحُكْمَيْن المتقدِّمَيْن، وهُمَا: نقلُهم من نكاحِ اليتامَى إلى نكاحِ النِّساءِ البَوَالِغِ، ومن نكاحِ الأربعِ إلى نكاحِ الواحدةِ أو مِلْكِ اليمينِ، ولا يليقُ تعليلُ ذلك بِقِلَّةِ العِيَالِ.
---------------
(¬١) ساقطة من "أ، د".
الصفحة 22
588