كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 1)
صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكنت -الله -مُعْسِرًا قَالَ: قُلْتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: قلتُ: آللَّهِ، قَالَ: اللهِ. قلتُ: آللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهِ. قَالَ: فَأَتَى بِصَحِيفَتِهِ فَمَحَاهَا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ وَجَدْتَ قَضَاءً فَاقْضِنِي، وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي حَلٍّ، فَأَشْهَدُ بَصَرَ عَيْنَيَّ -وَوَضْعَ أُصْبُعَيْهِ عَلَى عَيْنَيْهِ -وَسَمِعَ أُذُنَيَّ هَاتَيْنِ، وَوَعَاهُ قَلْبِي -وَأَشَارَ إِلَى مَنَاطِ (1) قَلْبِهِ -رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ وَضَعَ عَنْهُ أَظَلَّهُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ". وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ (2) .
حَدِيثٌ آخَرُ (3) : عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ [فِي مُسْنَدِ أَبِيهِ] (4) حَدَّثَنِي (5) أَبُو يَحْيَى الْبَزَّازُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرِ بْنِ سَلْمٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ هِشَامِ بْنِ زِيَادٍ الْقُرَشِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مِحْجَنٍ مَوْلَى عُثْمَانَ، عَنْ عُثْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: "أَظَلَّ اللَّهُ عَيْنًا فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا، أَوْ تَرَكَ لِغَارِمٍ" (6) .
حَدِيثٌ آخَرُ (7) : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ جَعْوَنَةَ السُّلَمِيُّ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ، وَهُوَ يَقُولُ بِيَدِهِ هَكَذَا -وَأَوْمَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِيَدِهِ إِلَى الْأَرْضِ-: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ، وَقَاهُ اللَّهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، أَلَا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ -ثَلَاثًا -أَلَا إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُقِيَ الْفِتَنَ، وَمَا مِنْ جَرْعَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ جَرْعَةِ غَيْظٍ يَكْظِمُهَا عَبْدٌ، مَا كَظَمَهَا عَبْدٌ لِلَّهِ إِلَّا مَلَأَ اللَّهُ جَوْفَهُ إِيمَانًا" تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ (8) .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ البُورَاني قَاضِي الحَدِيَثة مِنْ دِيَارِ رَبِيعَةَ، حَدَّثَنَا الحُسَين بْنُ عَلِيٍّ الصُّدَائي، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْجَارُودِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْمُتَّئِدِ -خَالُ ابْنِ عُيَيْنَةَ -عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِرًا إِلَى مَيْسَرَتِهِ أَنْظَرَهُ اللَّهُ بِذَنْبِهِ إِلَى تَوْبَتِهِ" (9) .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى يَعِظُ عِبَادَهُ وَيُذَكِّرُهُمْ زَوَالَ الدُّنْيَا وَفَنَاءَ مَا فِيهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَغَيْرِهَا، وَإِتْيَانَ (10) الْآخِرَةِ وَالرُّجُوعَ إِلَيْهِ تَعَالَى وَمُحَاسَبَتُهُ تَعَالَى خَلْقَهُ عَلَى مَا عَمِلُوا، وَمُجَازَاتُهُ إِيَّاهُمْ بِمَا كَسَبُوا مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَيُحَذِّرُهُمْ عُقُوبَتُهُ، فَقَالَ: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ آخرُ آيَةٍ نَزَلَتْ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، فَقَالَ ابْنُ لَهِيعة: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: آخِرُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ (11) {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} وَعَاشَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ تِسْعَ لَيَالٍ، ثُمَّ مَاتَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
__________
(1) في جـ، أ، و: "إلى نياط".
(2) صحيح مسلم برقم (306) .
(3) في جـ، أ: "الحديث العاشر".
(4) زيادة من جـ، أ، و.
(5) في جـ: "حدثنا".
(6) زوائد المسند (1/73) .
(7) في جـ، أ: "الحديث الحادي عشر".
(8) المسند (1/327) .
(9) المعجم الكبير (11/151) ، وقال الهيثمي في المجمع (4/135) : "وفيه الحكم بن جارود ضعفه الأزدي، وشيخ الحكم وشيخ شيخه لم أعرفهما".
(10) في جـ، أ: "وإيثار".
(11) في أ: "من القرآن العظيم".
الصفحة 720
739