كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 2)

وَهَذَا سَحَرٌ، فَاغْفِرْ لِي. فَنَظَرْتُ فَإِذَا ابْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (1) .
وَرَوَى ابْنُ مَرْدُويه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا نُؤْمَرُ إِذَا صَلَّيْنَا مِنَ اللَّيْلِ أنْ نَسْتَغْفِرَ فِي آخِرِ السَّحَرِ سَبْعِينَ مَرَّةً.
{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) }
شَهِدَ (2) تَعَالَى -وَكَفَى بِهِ شَهِيدًا، وَهُوَ أَصْدَقُ الشَّاهِدِينَ وَأَعْدَلُهُمْ، وَأَصْدَقُ الْقَائِلِينَ- {أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} أَيْ: المتفَرد بِالْإِلَهِيَّةِ لِجَمِيعِ الْخَلَائِقِ، وَأَنَّ الْجَمِيعَ عَبِيدُهُ وَخَلْقُهُ، وَالْفُقَرَاءُ إِلَيْهِ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَمَّا سِوَاهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزلَ إِلَيْكَ أَنزلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ (3) شَهِيدًا} الْآيَةَ [النِّسَاءِ: 166] .
ثُمَّ قَرَنَ شَهَادَةَ مَلَائِكَتِهِ وَأُولِي الْعِلْمِ بِشَهَادَتِهِ فَقَالَ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ} وَهَذِهِ خُصُوصِيَّةٌ عَظِيمَةٌ لِلْعُلَمَاءِ فِي هَذَا الْمَقَامِ.
{قَائِمًا بِالْقِسْطِ} مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ، وَهُوَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ كَذَلِكَ.
{لَا إِلَهَ إِلا هُوَ} تَأْكِيدٌ لِمَا سَبَقَ {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} الْعَزِيزُ: الَّذِي لَا يُرَامُ جَنَابُهُ عَظَمَةً وَكِبْرِيَاءً، الْحَكِيمُ فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ وَشَرْعِهِ وَقَدَرِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، حَدَّثَنَا بَقِيَّة بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنِي جُبَيْرُ بْنُ عَمْرو الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد (4) الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِي يَحْيَى مَوْلَى آلِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بعرفةَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} "وأَنَا عَلَى ذلِكَ مِنَ الشَّاهِدِينَ يَا رَبِّ" (5) .
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُتَوَكِّلِ الْعَسْقَلَانِيُّ، حَدَّثَنَا عُمَر بْنُ حَفْصِ بْنِ ثَابِتٍ أَبُو سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ} قال: "وأَنَا أشْهَدُ أيْ رَبِّ" (6) .
__________
(1) تفسير الطبري (6/266) وفي إسناده سفيان بن وكيع ضعيف، وحديث ابن أبي مطر ضعفه أبو حاتم وابن معين والبخاري.
(2) في و: "يشهد".
(3) في جـ، ر: "به" وهو خطأ.
(4) في أ، و: "أبو سعد".
(5) المسند (1/166) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (6/325) : "في إسناده مجاهيل".
(6) تفسير ابن أبي حاتم (2/146) وفي إسناده مجاهيل".

الصفحة 24