كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 2)

بَيْنَ سَبْعِينَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَفْوًا (1) بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَبَيْنَ الْخَبِيئَةِ عِنْدَهُ لِأُمَّتِي". فَقَالَ لَهُ بعض أصحابه: يا رسول الله، أيخبأ ذَلِكَ رَبُّكَ؟ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ يُكَبِّرُ، فَقَالَ: "إِنَّ رَبِّي زَادَنِي مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعِينَ أَلْفًا وَالْخَبِيئَةُ عِنْدَهُ" قَالَ أَبُو رُهْمٍ: يَا أَبَا أَيُّوبَ، وَمَا تَظُنُّ خَبِيئَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَكَلَهُ النَّاسُ بِأَفْوَاهِهِمْ فَقَالُوا: وَمَا أَنْتَ وَخَبِيئَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ: دَعُوا الرَّجُلَ عَنْكُمْ، أُخْبِرْكُمْ عَنْ خَبِيئَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَظُنُّ، بَلْ كَالْمُسْتَيْقِنِ. إِنَّ خَبِيئَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ مُصَدِّقًا لِسَانَهُ قَلْبُهُ أَدْخَلَهُ (2) الْجَنَّةَ" (3) .
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الْمُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيُّ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ (ح) وَأَخْبَرَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ الْحَرَّانِيُّ -فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ-قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ نَفْسُهُ، عَنْ وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ الرُّقَاشِيِّ، عَنْ أَبِي سَوْرَةَ ابْنِ أَخِي أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم فقال: إن لي ابْنَ أَخٍ لَا يَنْتَهِي عَنِ الْحَرَامِ. قَالَ: "وَمَا دِينُهُ؟ " قَالَ: يُصَلِّي وَيُوَحِّدُ اللَّهَ تَعَالَى. قَالَ "اسْتَوْهِبْ مِنْهُ دِينَهُ، فَإِنْ أَبَى فَابْتَعْهُ مِنْهُ". فَطَلَبَ الرَّجُلُ ذَاكَ مِنْهُ فَأَبَى عَلَيْهِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: وَجَدْتُهُ شَحِيحًا فِي (4) دِينِهِ. قَالَ: فَنَزَلَتْ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (5) .
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: قَالَ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الضَّحَّاكِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مَسْتُورٌ أَبُو هَمَّامٍ الْهُنَائِيُّ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَرَكْتُ حَاجَةً وَلَا ذَا حَاجَةٍ إِلَّا قَدْ أَتَيْتُ. قَالَ: "أَلَيْسَ تَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ " ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَإِنَّ ذَلِكَ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ" (6) .
الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ الْيَمَامِيِّ (7) قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا يَمَامِيُّ (8) لَا تَقُولَنَّ لِرَجُلٍ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ. أَوْ لَا (9) يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ أَبَدًا. قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ (10) إِنَّ هَذِهِ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا أَحَدُنَا لِأَخِيهِ وَصَاحِبِهِ إِذَا غَضِبَ قَالَ: لَا تَقُلْهَا، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلَانِ كَانَ أَحَدُهُمَا مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ، وَكَانَ الْآخَرُ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ (11) وَكَانَ الْمُجْتَهِدُ لَا يَزَالُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى ذَنْبٍ، فَيَقُولُ: يَا هَذَا أَقْصِرْ. فَيَقُولُ: خَلِّنِي وَرَبِّي! أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟ قَالَ: إِلَى أَنْ رَآهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! أَقْصِرْ! قَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي! أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟ فَقَالَ: والله
__________
(1) في ر، أ: "غفرا".
(2) في د، أ: "فأدخله"، وفي ر: "فأدخل".
(3) المسند (5/ 413) .
(4) في ر: "على".
(5) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (4/ 177) من طريق عيسى بن يونس عن واصل به.
قال الهيثمي في المجمع (7/ 5) : "فيه واصل بن السائب وهو ضعيف".
(6) مسند أبي يعلى (6/ 155) وقال الهيثمي في المجمع (10/ 83) : "رجاله ثقات".
(7) في د، ر: "الهفائي"، وفي أ: "الهنائي".
(8) في د، ر، أ: "يا يماني".
(9) في د، ر، أ: "ولا".
(10) في ر: "يا رسول الله".
(11) في أ: "متحابين".

الصفحة 329