كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 2)
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْر" فَاسْتَوْعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ أَرَادَ فِيهِ سَعَةً لَهُ وَلِلْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ (1) الْأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَوْعَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ، قَالَ عُرْوَةُ: فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ مَا أَحْسَبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ: {فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
هَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ (2) وَهُوَ مُنْقَطِعٌ بَيْنَ عُرْوَةَ وَبَيْنَ أَبِيهِ الزُّبَيْرِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَالَّذِي يُقْطَعُ بِهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ، فَإِنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي حَاتِمٍ رَوَاهُ كَذَلِكَ فِي تَفْسِيرِهِ فَقَالَ:
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ وَيُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ حَدَّثَهُ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ: أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فِي شِرَاجٍ فِي الحَرة، كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلَاهُمَا النَّخْلَ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: سَرِّح الْمَاءَ يَمُر. فَأَبَى عَلَيْهِ الزُّبَيْرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ" فَغَضِبَ الْأَنْصَارِيُّ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتك؟ فتلوَّن وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: "اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الجَدْر" وَاسْتَوْعَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلزُّبَيْرِ حَقّه وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ أَرَادَ فِيهِ السَّعَةَ لَهُ وَلِلْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ (3) الْأَنْصَارِيُّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَوْعَى لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ فَقَالَ الزُّبَيْرُ: مَا أَحْسَبُ هَذِهِ الْآيَةَ إِلَّا فِي ذَلِكَ: {فَلا وَرَبِّكَ لَا يَؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ وَهْبٍ، بِهِ (4) وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ، بِهِ (5) وَجَعَلَهُ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَكَذَا سَاقَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ مِنَ الْحَاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ، فَإِنَّهُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَمِّهِ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ فَذَكَرَهُ، ثُمَّ قَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ. فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَامَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الزُّهْرِيِّ يَذْكُرُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ، غَيْرَ ابْنِ أَخِيهِ، وَهُوَ عَنْهُ ضَعِيفٌ. (6)
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيه: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ أَبُو دُحَيم، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَين، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنة، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَلَمَةَ -رَجُلٍ مِنْ آلِ أَبِي سَلَمَةَ-قال:
__________
(1) في ر: "أخفظ".
(2) المسند (1/165) .
(3) في ر: "أخفظ".
(4) سنن النسائي (8/238) .
(5) المسند (4/4) ، وصحيح البخاري برقم (2359) ، وصحيح مسلم برقم (2357) ، وسنن أبي داود برقم (3637) ، وسنن الترمذي برقم (1363) ، وسنن النسائي (8/245) ، وسنن ابن ماجة برقم (15) .
(6) المستدرك (3/364) .
الصفحة 350