كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 2)
أَحَبَّ" قَالَ أَنَسٌ: فَمَا فَرِحَ الْمُسْلِمُونَ فَرَحَهُمْ بِهَذَا الْحَدِيثِ (1) .
وَفِي رِوَايَةٍ (2) عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنِّي أُحِبُّ (3) رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأُحِبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، رَضِيَ الله عنهما (4) وأرجو أن الله يَبْعَثَنِي اللَّهُ مَعَهُمْ وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ كَعَمَلِهِمْ (5) .
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ، كَمَا تَتَرَاءَوْنَ (6) الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ مِنَ (7) الْأُفُقِ مِنَ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُمْ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ؟ قَالَ: "بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، رِجَالٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ".
أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ (8) وَلَفْظُهُ لِمُسْلِمٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا فَزَارَةُ، أَخْبَرَنِي فُلَيْح، عَنْ هِلَالٍ -يَعْنِي ابْنَ عَلِيٍّ-عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ فِي الْجَنَّةِ كَمَا تَرَاءَوْنَ -أَوْ تَرون-الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَارِبَ فِي الْأُفُقِ وَالطَّالِعَ فِي تَفَاضُلِ الدَّرَجَاتِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُولَئِكَ النَّبِيُّونَ؟ قَالَ: "بَلَى، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، وَأَقْوَامٌ آمَنُوا بِاللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ".
قَالَ الْحَافِظُ الضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ (9) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارٍ الْمَوْصِلِيُّ، حَدَّثَنَا عُفَيْف بْنُ سَالِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبة (10) عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ مِنَ الْحَبَشَةِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سَلْ واسْتَفْهِمْ". فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فُضِّلتُم عَلَيْنَا بِالصُّوَرِ وَالْأَلْوَانِ وَالنُّبُوَّةِ، أَفَرَأَيْتَ إِنْ آمنتُ بِمَا آمنتَ بِهِ، وعملتُ مثلَ مَا عملتَ بِهِ، إِنِّي لَكَائِنٌ مَعَكَ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيُضِيءُ بَيَاضُ الْأَسْوَدِ فِي الْجَنَّةِ مِنْ مَسِيرَةِ أَلْفِ عَامٍ" قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَانَ لَهُ بِهَا عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ، كُتِبَ لَهُ بِهَا مِائَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ حَسَنَةٍ" فَقَالَ رَجُلٌ: كَيْفَ نَهْلَكُ بَعْدَهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالْعَمَلِ لَوْ وُضِعَ عَلَى جَبَلٍ لَأَثْقَلَهُ، فَتَقُومُ النِّعْمَةُ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ فَتَكَادُ أَنْ تَسْتَنْفِدَ ذَلِكَ كُلَّهُ إِلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ" وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ (11) {هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا} إِلَى قَوْلِهِ: {نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا} [الْإِنْسَانِ: 1-20] فَقَالَ الْحَبَشِيُّ: وَإِنَّ عَيْنَيَّ لَتَرَيَانِ مَا تَرَى عَيْنَاكَ فِي الْجَنَّةِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نَعَمْ". فَاسْتَبْكَى حَتَّى فَاضَتْ نَفْسُهُ، قَالَ ابْنُ عمر: لقد
__________
(1) رواه البخاري في صحيحه برقم (6167) ورواه مسلم في صحيحه برقم (2639) .
(2) في د: "وفي لفظ".
(3) في أ: "لأحب".
(4) في ر: "عنهم".
(5) صحيح مسلم برقم (2639) .
(6) في أ: "يتراءون".
(7) في أ: "في".
(8) صحيح البخاري برقم (3256) وصحيح مسلم برقم (2831) .
(9) المسند (2/339) .
(10) في النسخ: "أيوب عن عتبة" وهو تحريف.
(11) في ر، أ: "السورة".
الصفحة 356