كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 2)
مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ الْعَنْبَرِيِّ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ النَّمِرِيِّ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ خُبَيب (1) عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، بِهِ مُرْسَلًا (2) .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ قِيلَ وَقَالَ أَيْ: الَّذِي يُكْثِرُ مِنَ الْحَدِيثِ عَمَّا يَقُولُ النَّاسُ مِنْ غَيْرِ تَثبُّت، وَلَا تَدبُّر، وَلَا تبَيُّن (3) .
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "بِئْسَ مَطِيَّة الرَّجُلِ زَعَمُوا عَلَيْهِ".
وَفِي الصَّحِيحِ: "مَنْ حَدَّث بِحَدِيثٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكاذبَيْن". (4) وَيُذْكَرُ (5) هَاهُنَا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ، حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَّق نِسَاءَهُ، فَجَاءَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَوَجَدَ النَّاسَ يَقُولُونَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَصْبِرْ حَتَّى اسْتَأْذَنَ عَلِيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْهَمَهُ: أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ؟ قَالَ: "لَا". فَقُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ (6) بِطُولِهِ.
وَعِنْدَ مُسْلِمٍ: فَقُلْتُ: أَطَلَّقْتَهُنَّ؟ فَقَالَ: "لَا" فَقُمْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ فَنَادَيْتُ بِأَعْلَى صَوْتِي: لَمْ يُطَلِّقْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِسَاءَهُ. وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فَكُنْتُ أَنَا اسْتَنْبَطْتُ ذَلِكَ الْأَمْرَ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (يَسْتَنْبِطُونَهُ) أَيْ: يَسْتَخْرِجُونَهُ وَيَسْتَعْلِمُونَهُ مِنْ مَعَادِنِهِ، يُقَالُ: اسْتَنْبَطَ الرَّجُلُ الْعَيْنَ، إِذَا حَفَرَهَا وَاسْتَخْرَجَهَا مِنْ قُعُورِهَا (7) .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الْمُؤْمِنِينَ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ: {لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا} يَعْنِي: كُلَّكُمْ. وَاسْتَشْهَدَ مَنْ نَصَرَ هَذَا الْقَوْلَ. بِقَوْلِ الطِّرْمَاحِ بْنِ حَكِيمٍ، فِي مَدْحِ يَزِيدَ بْنِ المُهَلَّب:
أشَمَّ (8) كَثِيرَ يَدى النَّوَالِ (9) قَلِيلَ المَثَالب والقَادحة (10)
يَعْنِي: لَا مَثَالِبَ لَهُ، وَلَا قَادِحَةَ فِيهِ.
__________
(1) في أ: "حبيب".
(2) صحيح مسلم برقم (5) وسنن أبي داود برقم (4992) .
(3) صحيح البخاري برقم (1477) وصحيح مسلم برقم (593) .
(4) رواه مسلم في مقدمة صحيحه (ص9) والترمذي في السنن برقم (2662) من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
(5) في ر: "ونذكر".
(6) صحيح البخاري برقم (5191) وصحيح مسلم برقم (1479) .
(7) في ر: "قرارها".
(8) في أ: "أنتم".
(9) في أ: "البوداي".
(10) البيت في تفسير الطبري (8/577) .
الصفحة 366