كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 2)

وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} يَعْنِي: الْيَهُودَ خَاصَّةً. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: يَعْنِي النَّجَاشِيَّ وَأَصْحَابَهُ. وَرَوَاهُمَا ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّة، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنِ الْحَسَنِ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قَالَ: قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى. وَاللَّهِ إِنَّهُ الْآنَ حَيٌّ عِنْدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ إِذَا نَزَلَ آمَنُوا بِهِ أَجْمَعُونَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عُثْمَانَ اللَّاحِقِيُّ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَّةُ بْنُ بِشْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا قَالَ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، قَوْلُ اللَّهُ، [عَزَّ وَجَلَّ] (1) {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قَالَ: "قَبْلَ مَوْتِ عِيسَى. إِنَّ اللَّهَ رَفَعَ إِلَيْهِ عِيسَى [إِلَيْهِ] (2) وَهُوَ بَاعِثُهُ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَقَامًا يُؤْمِنُ بِهِ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ".
وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ. وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْحَقُّ، كَمَا سَنُبَيِّنُهُ بَعْدُ بِالدَّلِيلِ الْقَاطِعِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبِهِ الثِّقَةُ وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذلك: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ} قَبْلَ مَوْتِ الْكِتَابِيِّ. ذكرَ مَنْ كَانَ يُوَجه ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ إِذَا عَايَنَ عَلِمَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ لَمْ تَخْرُجْ نَفْسُهُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ (3) لَهُ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ فِي دِينِهِ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عباس قوله: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قَالَ لَا يَمُوتُ يَهُودِيٌّ حَتَّى يُؤْمِنَ بِعِيسَى.
حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا شِبْل، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} كُلُّ صَاحِبِ كِتَابٍ يُؤْمِنُ بِعِيسَى قَبْلَ مَوْتِهِ -قَبْلَ مَوْتِ صَاحِبِ الْكِتَابِ-وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَوْ ضَرَبْتَ عُنُقَهُ لَمْ تَخْرُجْ نَفْسُه حَتَّى يُؤْمِنَ بِعِيسَى.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيد، حَدَّثَنَا أَبُو نُمَيْلة يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يَمُوتُ الْيَهُودِيُّ حَتَّى يَشْهَدَ أَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَلَوْ عُجِّلَ عَلَيْهِ بِالسِّلَاحِ.
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، حَدَّثَنَا عتَّاب بْنُ بَشِير (4) عَنْ خُصَيْف، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قَالَ: هِيَ فِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: {قَبْلَ مَوْتِهِمْ} لَيْسَ يَهُودِيٌّ يَمُوتُ أَبَدًا حَتَّى يُؤْمِنَ بِعِيسَى. قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: أَرَأَيْتَ إِنْ خَرّ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ؟ قَالَ: يَتَكَلَّمُ بِهِ فِي الهُوِيّ. فَقِيلَ: أَرَأَيْتَ إِنْ ضُرِبَتْ عُنُقُ أَحَدٍ مِنْهُمْ؟ قَالَ: يُلَجْلج بِهَا لِسَانُهُ.
وَكَذَا رَوَى سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ خَصِيفٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} قَالَ: لَا يَمُوتُ يَهُودِيٌّ حَتَّى يُؤْمِنَ بِعِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِنَّ ضُرِبَ بالسيف تكلم
__________
(1) زيادة من أ.
(2) زيادة من أ.
(3) في د: "يعلم".
(4) في د: "غياث بن بشير"، وفي ر: "عتاب بن يشكر".

الصفحة 453