كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 2)

ثَنْدوَته (1) فَيَقْتُلُهُ وَيَنْهَزِمُ (2) أَصْحَابُهُ، فَلَيْسَ يَوْمَئِذٍ شَيْءٌ يُوَارِي أَحَدًا، حَتَّى إِنَّ الشَّجَرَةَ لَتَقُولُ: يَا مُؤْمِنُ، هَذَا كَافِرٌ. وَيَقُولُ الْحَجَرُ: يَا مُؤْمِنُ، هَذَا كَافِرٌ". تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (3) .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ الْمَشْهُورَةِ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَة الشَّيْبَانِيِّ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ أَبِي أُمَامة الْبَاهِلِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ أكثرُ خُطْبَتِهِ حَدِيثًا حَدَّثَنَاهُ عَنِ الدَّجَّالِ، وَحَذَّرَنَاهُ، فَكَانَ مِنْ قَوْلِهِ أَنْ قَالَ:
"لَمْ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ، مُنْذُ ذَرَأَ اللَّهُ ذُرِّية آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَعْظَمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ نَبِيًّا إِلَّا حَذَّر أُمَّته الدَّجَّالَ. وَأَنَا آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَنْتُمْ آخَرُ الْأُمَمِ، وَهُوَ خَارِجٌ فِيكُمْ لَا مَحَالَةَ، فَإِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا بَيْنَ ظَهْرَانيكم، فَأَنَا حَجِيجٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنْ يَخْرُجُ مِنْ بَعْدِي فَكَلٌّ [امرئ] (4) حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ خَلّة بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فيعيث يمينًا ويعيث شمالا".
" [ألا] (5) يَا عِبَادَ اللَّهِ، أَيُّهَا النَّاسُ، فَاثْبُتُوا. وَإِنِّي سَأَصِفُهُ لَكُمْ صِفَةً لَمْ يَصِفْهَا إِيَّاهُ نَبِيٌّ قَبْلِي: إِنَّهُ يَبْدَأُ فَيَقُولُ (6) أَنَا نَبِيٌّ" فَلَا نَبِيَّ بَعْدِي، ثُمَّ يُثَنِّي فَيَقُولُ: "أَنَا رَبُّكُمْ"، وَلَا تَرَوْنَ رَبَّكُمْ حَتَّى تَمُوتُوا. وَإِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ، عَزَّ وَجَلَّ، لَيْسَ بِأَعْوَرَ، وَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: كَافِرٌ، يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ، كَاتِبٍ وَغَيْرِ (7) كَاتِبٍ. وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنَّ مَعَهُ جَنَّةً وَنَارًا، فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ. فَمَنِ ابْتُلِيَ بِنَارِهِ فَلْيَسْتَغِثْ بِاللَّهِ وَلْيَقْرَأْ فَوَاتِحَ الْكَهْفِ، فَتَكُونُ عَلَيْهِ بَرْدًا وَسَلَامًا، كَمَا كَانَتِ النَّارُ (8) عَلَى إِبْرَاهِيمَ [عَلَيْهِ السَّلَامُ] (9) وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لِأَعْرَابِيِّ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ. فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَقُولَانِ: يَا بُنَيَّ، اتَّبِعْهُ، فَإِنَّهُ رَبُّكَ. وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يُسَلّط عَلَى نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَيَقْتُلُهَا وَيَنْشُرُهَا بِالْمِنْشَارِ، حَتَّى يُلْقَى شِقَّيْنِ ثُمَّ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذَا، فَإِنِّي أَبْعَثُهُ الْآنَ، ثُمَّ يَزْعُمُ أَنَّ لَهُ رَبًّا غَيْرِي. فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ، فَيَقُولُ لَهُ الْخَبِيثُ: مَنْ رَبُّكَ، فَيَقُولُ: رَبِّيَ اللَّهُ. وَأَنْتَ عَدُوُّ اللَّهِ، الدَّجَّالُ، وَاللَّهِ مَا كنتُ بعدُ أَشُدَّ بَصِيرَةً بك مني اليوم". قال أبو حسن الطَّنَافِسيّ: فَحَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ (10) بْنُ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيُّ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَلِكَ الرَّجُلُ (11) أَرْفَعُ أُمَّتِي دَرَجَةً فِي الْجَنَّةِ".
قَالَ: قَالَ أَبُو (12) سَعِيدٍ: وَاللَّهِ مَا كُنَّا نُرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ إِلَّا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ (13) .
قَالَ (14) الْمُحَارِبِيُّ: ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَأْمُرَ السَّمَاءَ أَنْ تُمْطر، فَتُمْطِرَ، وَيَأْمُرَ الْأَرْضَ أَنْ تُنْبِتَ، فَتُنْبِتَ، [وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَمُر بِالْحَيِّ فَيُكَذِّبُونَهُ، فَلَا تبقى لهم سائمة
__________
(1) في أ: "ثندوتيه".
(2) في ر: "ويهزم".
(3) المسند (4/216) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (9/51) مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بِهِ. وَقَالَ الهيثمي في المجمع (7/342) : "فيه علي بن زيد، وفيه ضعف وقد وثق وبقية رجالهما رجال الصحيح
(4) زيادة من أ.
(5) زيادة من د.
(6) في د: "يقول".
(7) في د: "أو غير".
(8) في أ: "النار بردا".
(9) زيادة من أ.
(10) في ر: "عبد الله".
(11) في أ: "وذلك الرجال".
(12) في ر: "أبي".
(13) في د: "سبيله".
(14) في ر: "ثم قال".

الصفحة 459