كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 2)

قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا يُرْخِصُ الْفَرَسَ؟ قَالَ: "لَا تُرْكَبُ (1) لِحَرْبٍ أَبَدًا" قِيلَ لَهُ: فَمَا يُغلي الثَّوْرَ؟ قَالَ: "تُحْرث الْأَرْضُ كُلُّهَا".
وَإِنَّ قَبْلَ خُرُوجِ (2) [الدَّجَّالِ] ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ شِدَادٍ، يُصِيبُ النَّاسَ فِيهَا جُوعٌ شَدِيدٌ، يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ [الْأُولَى أَنْ تَحْبِسَ ثُلُثَ مَطَرِهَا، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ السَّمَاءَ فِي الثَّانِيَةِ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ مَطَرِهَا، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ فَتَحْبِسُ ثُلُثَيْ نَبَاتِهَا، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ السَّمَاءَ فِي السَّنَةِ] (3) الثَّالِثَةِ فَتَحْبِسُ مَطَرَهَا كُلَّهُ، فَلَا تَقْطر قَطْرَةً، وَيَأْمُرُ الْأَرْضَ أَنْ تَحْبِسَ نَبَاتَهَا كُلَّهُ، فَلَا تُنْبتُ خَضْرَاءَ، فَلَا تَبْقَى ذَاتُ ظلْف إِلَّا هَلَكَتْ، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ".
فَقِيلَ: فَمَا يُعِيشُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ؟ قَالَ: "التَّهْلِيلُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّسْبِيحُ وَالتَّحْمِيدُ، وَيَجْرِي ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مَجْرَى الطَّعَامِ".
قَالَ ابْنُ مَاجَهْ: سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الطَّنَافِسي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ الْمُحَارِبِيَّ يَقُولُ: يَنْبَغِي أَنَّ يُدْفَعَ هَذَا الْحَدِيثُ إِلَى الْمُؤَدِّبِ، حَتَّى يُعَلِّمَهُ الصِّبْيَانَ فِي الْكُتَّابِ.
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (4) ، وَلِبَعْضِهِ شَوَاهِدُ مِنْ أَحَادِيثَ أُخَرَ؛ وَلْنَذْكُرْ حَدِيثَ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ هَاهُنَا لِشَبَهِهِ بِسِيَاقِهِ هَذَا الْحَدِيثَ، قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي صَحِيحِهِ:
حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَير بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ جَابِرٍ الطَّائِيُّ قَاضِي حِمْصَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرحمن بن جبير، عن أبيه جبير بن نُفَير الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ (ح) وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْران الرَّازِّيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْر، بْنِ نُفَيْر، عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعان قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فخفَّض فِيهِ ورَفَّع، حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رَحَلْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذَلِكَ فِينَا، فَقَالَ: "مَا شَأْنُكُمْ؟ " قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً فخفَّضت فِيهِ ورفَّعت حَتَّى ظَنَنَّاهُ فِي طَائِفَةِ النَّخْلِ فَقَالَ: "غَيْرُ الدَّجَّالِ أخْوَفُني عَلَيْكُمْ، إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجيجه دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ فَامْرُؤٌ حَجيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ: إِنَّهُ شابٌّ قَططُ عَيْنُهُ طَافِيَةٌ، كَأَنِّي أَشْبِّهُهُ بِعَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قَطَن، مِنْ أَدْرَكَهُ مِنْكُمْ فَلْيَقْرَأْ عَلَيْهِ فَوَاتِحَ سُورَةِ الْكَهْفِ، إِنَّهُ خارجُ خَلَّة بَيْنَ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، فعاثَ يَمِينًا وعاثَ شِمَالًا. يَا عِبَادَ اللَّهِ، فَاثْبُتُوا": قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا (5) لَبْثَتَه (6) فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: "أَرْبَعِينَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيْامِهِ كَأَيَّامِكُمْ".
__________
(1) في د: "يركب".
(2) في د: "خروجه".
(3) زيادة من د، ر، وابن ماجه.
(4) سنن ابن ماجة برقم (4077) ، وفي إسناده عبد الرحمن بن محمد المحاربي. قال ابن معين: "يروي المناكير عن المجهولين"، وقال أبو حاتم: صدوق إذا حدث عن الثقات، ويروي عن المجهولين أحاديث منكرة فيفسر حديثه بروايته عن المجهولين.
وهو هنا يروي عن إسماعيل بن رافع المدني، وهو ضعيف ضعفه ابن معين والنسائي. وقال أبو حاتم: منكر الحديث، وقال ابن عدي: "أحاديثه كلها مما فيه نَظَرٌ، إِلَّا أَنَّهُ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ فِي جُمْلَةِ الضعفاء".
(5) في ر:"فما".
(6) في أ:"لبثه".

الصفحة 461