كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 2)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عمه مُجَمِّع ابن جَارِيَةَ (1) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَقْتُلُ ابْنُ مَرْيَمَ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُد".
وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيْثِ، بِهِ. وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ. قَالَ: وَفِي الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَنَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأَبِي بَرْزَة، وَحُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وكَيْسان، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وسَمُرة بْنِ جُنْدب، وَالنَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، وَعَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ (2) (3) .
وَمُرَادُهُ بِرِوَايَةِ هَؤُلَاءِ مَا فِيهِ ذِكْرُ الدَّجَّالِ. وَقَتْلِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَهُ. فَأَمَّا أَحَادِيثُ ذِكْرِ الدَّجَّالِ فَقَطْ فَكَثِيرَةٌ جِدًّا، وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ؛ لِانْتِشَارِهَا وَكَثْرَةِ رُوَاتِهَا فِي الصِّحَاحِ وَالْحِسَانِ وَالْمَسَانِيدِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ (4) .
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ فُرَات، عَنْ أَبِي الطُّفَيل، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الغِفَاري قَالَ: أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غُرْفَةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ، فَقَالَ: "لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْنَ عَشْرَ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، والدُّخَان، وَالدَّابَّةُ، وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَنُزُولُ (5) عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَالدَّجَّالُ، وَثَلَاثَةُ خُسوف: خَسْف بِالْمُشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ. وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَن، تَسُوقُ -أَوْ تَحْشُرُ-النَّاسَ، تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وتَقيل مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا".
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ فُرَات الْقَزَّازِ (6) بِهِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيع عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ عَنْ أَبِي سَريحَة حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيد الْغِفَارِيِّ، مَوْقُوفًا (7) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَهَذِهِ أَحَادِيثُ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَالنَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، ومُجَمِّع بْنِ جَارِيَةَ (8) وَأَبِي سَرِيحة وَحُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْد، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى صِفَةِ نُزُولِهِ وَمَكَانِهِ، مِنْ أَنَّهُ بِالشَّامِ، بَلْ بِدِمَشْقَ، عِنْدَ الْمَنَارَةِ (9) الشَّرْقِيَّةِ، وَأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ لِلصُّبْحِ (10) وَقَدْ بُنِيَتْ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ، فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ مَنَارَةٌ لِلْجَامِعِ الأمَويّ بَيْضَاءُ، مِنْ حِجَارَةٍ مَنْحُوتَةٍ، عِوَضا عَنِ الْمَنَارَةِ الَّتِي هُدِمَتْ بِسَبَبِ الْحَرِيقِ الْمَنْسُوبِ إِلَى صَنِيعِ النَّصَارَى -عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ-وكان أكثر عمارتها
__________
(1) في أ: "حارثة".
(2) في أ: "رضي الله عنهم أجمعين".
(3) المسند (3/420) وسنن الترمذي برقم (2244) .
(4) وقد ذكر هذه الأحاديث وبسط الكلام عليها المؤلف الحافظ ابن كثير في كتابه: النهاية في الفتن والملاحم.
(5) في د، أ: "وخروج".
(6) المسند (4/6) بسياق مختلف، وهذا هو سياق رواية ابن مهدي عن سفيان، وهي في المسند (4/7) ورواه مسلم في صحيحه برقم (2901) وأبو داود في السنن برقم (4311) والترمذي في السنن برقم (2183) وابن ماجة في السنن برقم (4055) .
(7) صحيح مسلم برقم (2901)
(8) في أ: "حارثة".
(9) في د: "منارته".
(10) في د:"عند إقامة صلاة الصبح".

الصفحة 464