كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 3)
بِنَحْوِهِ. (1)
وَهَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ، ومُقاتل بْنُ حَيَّان، وَابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ.
وَقَدْ رَوَى العَوْفِيّ، وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ الْوَالِبِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ زَنَيَا، كَمَا تَقَدَّمَتِ الْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ. وَقَدْ يَكُونُ اجْتَمَعَ هَذَانِ السَّبَبَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} (2) إِلَى آخِرِهَا، وَهَذَا يُقَوِّي أَنَّ (3) سَبَبَ النُّزُولِ قَضِيَّةُ الْقِصَاصِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَأَبُو مِجْلزٍ، وَأَبُو رَجاء العُطارِدي، وعِكْرِمة، وَعَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَغَيْرُهُمْ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ -زَادَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَهِيَ عَلَيْنَا وَاجِبَةٌ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ (4) عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَرَضِيَ اللَّهُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ بِهَا. رَوَاهُ (5) ابْنُ جَرِيرٍ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا هُشَيْم، أَخْبَرْنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيل، عَنْ عَلْقَمَة وَمَسْرُوقٍ (6) أَنَّهُمَا سَأَلَا ابْنَ مَسْعُودٍ عَنِ الرِّشْوَةِ فَقَالَ: مِنَ السُّحْت: قَالَ: فَقَالَا وَفِي الْحُكْمِ؟ قَالَ: ذَاكَ الْكُفْرُ! ثُمَّ تَلَا {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}
وَقَالَ السُّدِّي: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} يَقُولُ: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أنزلتُ (7) فَتَرَكَهُ عَمْدًا، أَوْ جَارَ وَهُوَ يَعْلَمُ، فَهُوَ مِنَ الْكَافِرِينَ [بِهِ] (8)
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَوْلَهُ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قَالَ: مَنْ جَحَدَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَقَدْ كَفَرَ. وَمَنْ أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يَحْكُمْ فَهُوَ ظَالِمٌ فَاسِقٌ. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.
ثُمَّ اخْتَارَ أَنَّ الْآيَةَ الْمُرَادُ بِهَا أَهْلُ الْكِتَابِ، أَوْ مَنْ جَحَدَ حُكْمَ اللَّهِ الْمُنَزَّلَ فِي الْكِتَابِ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ زَكَرِيَّا، عَنِ الشَّعْبِيِّ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ} قَالَ: لِلْمُسْلِمِينَ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي السَّفَرِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} قَالَ: هَذَا فِي الْمُسْلِمِينَ، {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
__________
(1) تفسير الطبري (10/327) وسنن أبي داود برقم (4494) وسنن النسائي (8/18) والمستدرك (4/366)
(2) في أ: "بالعين والأنف".
(3) في ر، أ: "في".
(4) في ر: "عبد الوارث".
(5) في ر: "ورواه".
(6) في ر: "عن مسروق".
(7) في أ: "أنزل الله".
(8) زيادة من أ.
الصفحة 119