كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 3)
إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَة، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ نَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَدْ كُنْتُ أَنْهَاكَ عَنْ حُبّ يَهُودَ". فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَقَدْ أَبْغَضَهُمْ أَسْعَدُ بْنُ زُرَارَةَ، فَمَاتَ.
وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ. (1)
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) }
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ قُدْرَتِهِ الْعَظِيمَةِ أَنَّ مَنْ تَوَلَّى عَنْ نُصْرَةِ دِينِهِ وَإِقَامَةِ شَرِيعَتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَسْتَبْدِلُ بِهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لَهَا مِنْهُ (2) وَأَشَدُّ مَنْعَةً وَأَقْوَمُ سَبِيلًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [مُحَمَّدٍ: 38] وَقَالَ تَعَالَى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ} [النِّسَاءِ:133] ، وَقَالَ تَعَالَى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ. وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [إِبْرَاهِيمَ:19، 20] أَيْ: بِمُمْتَنَعٍ وَلَا صَعْبٍ. وَقَالَ تَعَالَى هَاهُنَا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} أَيْ: يَرْجِعُ عَنِ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: نَزَلَتْ فِي الْوُلَاةِ مِنْ قُرَيْشٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الرِّدَّةِ أَيَّامَ أَبِي بَكْرٍ.
{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ الْحَسَنُ: هُوَ وَاللَّهِ أَبُو بَكْرٍ وَأَصْحَابُهُ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ] (3) رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (4) {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} هُمْ أَهْلُ الْقَادِسِيَّةِ. وَقَالَ لَيْث بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ سَبَأٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَجْلَحِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلَهُ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ: نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، ثُمَّ مِنْ كِنْدَة، ثُمَّ مِنَ السَّكُون.
وَحَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ -يَعْنِي ابْنَ حَفْصٍ-عَنْ أَبِي زِيَادٍ الْحِلْفَانِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سُئل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} قَالَ: "هَؤُلَاءِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، ثُمَّ مِنْ كِنْدَةَ، ثُمَّ مِنَ السكون، ثم من
__________
(1) المسند (5/201) وسنن أبي داود برقم (3094) .
(2) في ر: "منهم".
(3) زيادة من أ.
(4) في أ: "وقال ابن عباس".
الصفحة 135