كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 3)

عَمْرٌو-يَعْنِي ابْنَ قَيْسٍ-عَنْ سِمَاك، عَنْ عِكْرِمة، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أنه سئل عن الطُّحَالِ فَقَالَ: كُلُوهُ فَقَالُوا: إِنَّهُ دَمٌ. فَقَالَ: إِنَّمَا حُرم عَلَيْكُمُ الدَّمُ الْمَسْفُوحُ.
وَكَذَا رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنَّمَا نَهَى عَنِ الدَّمِ السَّافِحِ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) "أحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ ودمان، فأما الميتتان فالحوت (2) والجراد، وأما الدمان فَالْكَبِدُ وَالطُّحَالُ".
وَكَذَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ (3) وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: وَرَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي إِدْرِيسَ (4) عَنْ أُسَامَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا.
قُلْتُ: وَثَلَاثَتُهُمْ ضُعَفَاءُ، وَلَكِنَّ بَعْضَهُمْ أَصْلَحُ مِنْ بَعْضٍ. وَقَدْ رَوَاهُ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ أَحَدُ الْأَثْبَاتِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَوَقَفَهُ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِّيُّ: وَهُوَ أَصَحُّ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا بَشير بْنُ سُرَيج، عَنْ أَبِي غَالِبٍ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ -وَهُوَ صُدَيّ بْنُ عَجْلَانَ-قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قَوْمِي أَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَعْرِضُ عَلَيْهِمْ شَرَائِعَ الْإِسْلَامِ، فَأَتَيْتُهُمْ، فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ جَاؤُوا بقَصْعَة مِنْ دَمٍ، فَاجْتَمَعُوا (5) عَلَيْهَا يَأْكُلُونَهَا، قَالُوا: هَلُمَّ يَا صُديّ، فَكُلْ. قَالَ: قُلْتُ: وَيَحْكَمُ! إِنَّمَا أَتَيْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ مُحرِّم (6) هَذَا عَلَيْكُمْ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ، قَالُوا: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: فَتَلَوْتُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ [وَلَحْمُ الْخِنزيرِ] } (7) الْآيَةَ.
وَرَوَاهُ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيه مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ بِإِسْنَادٍ مِثْلِهِ، وَزَادَ بَعْدَ هَذَا السِّيَاقِ: قَالَ: فَجَعَلْتُ أَدْعُوهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَيَأْبَوْنَ عَلَيَّ، فَقُلْتُ لَهُمْ: وَيَحْكُمُ، اسْقُونِي شَرْبَةً مِنْ مَاءٍ، فَإِنِّي شَدِيدُ الْعَطَشِ -قَالَ: وَعَلَيَّ عَبَاءَتِي-فَقَالُوا: لَا وَلَكِنْ نَدَعُكَ حَتَّى تَمُوتَ عَطَشًا. قَالَ: فَاغْتَمَمْتُ وَضَرَبْتُ (8) بِرَأْسِي فِي الْعَبَاءِ، وَنِمْتُ عَلَى الرَّمْضَاءِ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، قَالَ: فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي بقَدَح مِنْ زُجَاجٍ لَمْ يَرَ النَّاسُ أَحْسَنَ مِنْهُ، وَفِيهِ شَرَابٌ لَمْ يَرَ النَّاسُ [شَرَابًا] (9) أَلَذَّ مِنْهُ، فَأَمْكَنَنِي مِنْهَا فَشَرِبْتُهَا، فَحَيْثُ فَرَغْتُ مِنْ شَرَابِي اسْتَيْقَظْتُ، فَلَا وَاللَّهِ مَا عَطِشْتُ وَلَا عَرِيتُ بعد تيك الشربة. (10)
__________
(1) في د: "عن ابن عمر مرفوعا".
(2) في د: "فالسمك".
(3) مسند الشافعي برقم (1734) "بدائع المنن" ومسند أحمد (2/97) وسنن ابن ماجة برقم (3314) وسنن الدارقطني (4/271) والسنن الكبرى للبيهقي (1/254) .
(4) في د: "إسماعيل بن أبي أويس".
(5) في ر: "واجتمعوا"
(6) في د، ر، أ: "من يحرم".
(7) زيادة من أ.
(8) في د: "وجثوت".
(9) زيادة من ر، أ.
(10) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (8/335) من طريق محمد بن أبي الشوارب به. قال الهيثمي في المجمع (9/387) : "فيه بشير بن سريج وهو ضعيف".

الصفحة 15