كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 3)

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ ورَّاق الْحُمَيْدِيِّ (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ بْنُ إِبْرَاهِيمَ -مِنْ وَلَدِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ -قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ عُثْمَانَ بِنْتُ سَعِيدٍ -وَهِيَ جَدَّتِي -عَنْ أَبِيهَا سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعَمٍ، قَالَ: خَرَجْتُ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا كُنْتُ بِأَدْنَى الشَّامِ، لَقِيَنِي رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ رَجُلٌ نَبِيًّا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: هَلْ تَعْرِفُ صُورَتَهُ إِذَا رَأَيْتَهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. فَأَدْخَلَنِي بَيْتًا فِيهِ صُوَرٌ، فَلَمْ أَرَ صُورَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَمَا أَنَا كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ عَلَيْنَا، فَقَالَ: فِيمَ أَنْتُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهُ، فَذَهَبَ بِنَا إِلَى مَنْزِلِهِ، فَسَاعَةَ مَا دَخَلْتُ نَظَرْتُ إِلَى صُورَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِذَا رَجُلٌ آخِذٌ بِعَقِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الْقَابِضُ عَلَى عَقِبِهِ؟ قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ إِلَّا كَانَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ إِلَّا هَذَا النَّبِيَّ، فَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَهَذَا الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ، وَإِذَا صِفَةُ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (2)
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ أَبُو عُمَرَ الضَّرِيرُ (3) حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيَّ أَخْبَرَهُمْ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ، عَنِ الْأَقْرَعِ مُؤَذِّنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ إِلَى الْأَسْقُفِ، فَدَعَوْتُهُ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: هَلْ تَجِدُنِي فِي الْكِتَابِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ تَجِدُنِي؟ قَالَ: أَجِدُكَ قَرْنا. قَالَ: فَرَفَعَ عُمَرُ الدُّرَّةَ وَقَالَ (4) قَرْنُ مَهْ؟ قَالَ: قَرْنُ حَدِيدٍ، أَمِيرٌ شَدِيدٌ. قَالَ: فَكَيْفَ تَجِدُ الَّذِي بَعْدِي؟ قَالَ: أَجِدُ خَلِيفَةً صَالِحًا، غَيْرَ أَنَّهُ يُؤْثِرُ قَرَابَتَهُ قَالَ عُمَرُ: يَرْحَمُ اللَّهُ عُثْمَانَ، ثَلَاثًا. قَالَ: كَيْفَ تَجِدُ الَّذِي بَعْدَهُ؟ قَالَ: أَجِدُ صَدَأَ حَدِيدٍ. قَالَ: فَوَضَعَ عُمَرُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ وَقَالَ: يَا دَفْرَاهُ، يَا دَفْراه! قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّهُ خَلِيفَةٌ صَالِحٌ، وَلَكِنَّهُ يُستخلف حِينَ يُستخلف وَالسَّيْفُ مَسْلُولٌ، وَالدَّمُ مُهْرَاقٌ (5)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ} هَذِهِ صِفَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (6) فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهَكَذَا كَانَ (7) حَالُهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لَا يَأْمُرُ إِلَّا بِخَيْرٍ، وَلَا يَنْهَى إِلَّا عَنْ شَرٍّ، كَمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: إِذَا سَمِعْتَ اللَّهَ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فَأرْعها سَمْعَكَ، فَإِنَّهُ خَيْرٌ يَأْمُرُ بِهِ أَوْ شَرٌّ يَنْهَى عَنْهُ. وَمِنْ أَهَمِّ ذَلِكَ وَأَعْظَمِهِ، مَا بَعَثَهُ اللَّهُ [تَعَالَى] (8) بِهِ مِنَ الْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَالنَّهْيِ عَنْ عِبَادَةِ مَنْ سِوَاهُ، كَمَا أَرْسَلَ بِهِ جَمِيعَ الرُّسُلِ قَبْلَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النَّحْلِ:36] وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ -هُوَ الْعَقَدِيُّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو -حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ -هُوَ ابْنُ بِلَالٍ -عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدٍ، عن أبي حميد وأبي أسيد، رضي
__________
(1) في هـ: "محمد بن إدرس بن الحميدي"، وفي بقية النسخ: "محمد بن إدريس بن وراق بن الحميدي" والمثبت من الجرح والتعدل 213/204 مستفاد من هامش ط. الشعب.
(2) المعجم الكبير (2/125) ورواه أيضا في الأوسط برقم (3496) "مجمع البحرين" وقال: "لا يروى عن جبير إلا بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن إدريس". قال الهيثمي في المجمع (8/233) : "فيه من لم أعرفهم".
(3) في جميع النسخ: "عمر بن حفص أبو عمر الضرير"، والمثبت من سنن أبي داود.
(4) في أ: "فقال".
(5) سنن أبي داود برقم (4656) ، "والدفر: النتن".
(6) في م: "صلوات الله وسلامه عليه".
(7) في ك، م، أ: "كانت".
(8) زيادة من م.

الصفحة 487