كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 3)

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَوْلُهُ، وَكَذَا رَوَاهُ جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِهِ. وَهَذَا أَصَحُّ (1) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ -هُوَ ابْنُ عُبَادَةَ -حَدَّثَنَا مَالِكٌ، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسةَ: أَنَّ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، أَخْبَرَهُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسار الجُهَني: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سُئِل عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} الْآيَةَ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سُئل عَنْهَا، فَقَالَ: "إِنِ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ بِيَمِينِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، قَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلْجَنَّةِ، وَبِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَعْمَلُونَ. ثُمَّ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ ذُرِّيَّةً، قَالَ: خَلَقْتُ هَؤُلَاءِ لِلنَّارِ وَبِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ يَعْمَلُونَ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَفِيمَ الْعَمَلُ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا خَلَقَ اللَّهُ الْعَبْدَ لِلْجَنَّةِ، اسْتَعْمَلَهُ بِأَعْمَالِ (2) أَهْلِ الْجَنَّةِ، حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَيُدْخِلَهُ (3) بِهِ الْجَنَّةَ. وَإِذَا خَلَقَ الْعَبْدَ لِلنَّارِ، اسْتَعْمَلَهُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى يَمُوتَ عَلَى عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ النَّارِ، فَيُدْخِلَهُ (4) بِهِ النَّارَ".
وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنِ القَعْنَبي -وَالنَّسَائِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ -وَالتِّرْمِذِيُّ (5) عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مُوسَى، عَنْ مَعْن. وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ. وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حديث روح ابن عُبَادَةَ وَسَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانٍ فِي صَحِيحِهِ، مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيِّ، كُلُّهُمْ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، بِهِ (6)
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَمُسْلِمُ بْنُ يَسَار لَمْ يَسْمَعْ (7) عُمَر. وَكَذَا قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو زُرْعَة. زَادَ أَبُو حَاتِمٍ: وَبَيْنَهُمَا نُعَيْم بْنُ رَبِيعَةَ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُصَفَّى، عَنْ بَقِيَّةَ، عن عمر ابن جُعْثُم (8) الْقُرَشِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَة، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ يَسَار الْجُهَنِيِّ، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (9) وَقَدْ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} فَذَكَرَهُ (10)
وَقَالَ الْحَافِظُ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَقَدْ تَابَعَ عُمَرَ بْنَ جُعْثُم بْنِ زَيْدِ بْنِ سِنان أَبُو فَرْوَة الرَّهَاوي، وَقَوْلُهُمَا أَوْلَى بِالصَّوَابِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (11)
قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا إِنَّمَا أَسْقَطَ ذِكْرَ "نُعَيْمَ بْنَ رَبِيعَةَ" عمدًا؛ لما جهل حاله ولم يعرفه،
__________
(1) تفسير الطبري (13/233) .
(2) في ك، م، أ: "بعمل".
(3) في ك، م، أ: "فيدخل".
(4) في أ: "فيدخل".
(5) في ك، م، أ: "والترمذي في تفسيرهما".
(6) المسند (1/44) وسنن أبي داود برقم (4703) وسنن النسائي الكبرى برقم (11190) وسنن الترمذي برقم (3075) وتفسير الطبري (13/233) .
(7) في أ: "لم يسمع من".
(8) في أ: "عمرو بن خثعم".
(9) زيادة من أ.
(10) سنن أبي داود برقم (4704) ورواه الطبري في تفسيره (13/235) من طريق محمد بن مصفى، به.
(11) العلل للدارقطني (2/221 - 223) .

الصفحة 503