كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 3)

فَإِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَذَلِكَ يُسْقِطُ ذِكْرَ جَمَاعَةٍ مِمَّنْ لَا يَرْتَضِيهِمْ؛ وَلِهَذَا يُرْسِلُ كَثِيرًا مِنَ الْمَرْفُوعَاتِ، وَيَقْطَعُ كَثِيرًا مِنَ الْمَوْصُولَاتِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ التِّرْمِذِيُّ عِنْدَ تَفْسِيرِهِ هَذِهِ الْآيَةَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ] (1) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ [عَزَّ وَجَلَّ] (2) آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ، فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمة هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَجَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبيصًا مِنْ نُورٍ، ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ ذَرِّيَّتُكَ. فَرَأَى رَجُلًا مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُ وَبِيص مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ، مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ آخِرِ الْأُمَمِ مِنْ ذُرّيتك، يُقَالُ لَهُ: دَاوُدُ. قَالَ: رَبِّ، وَكَمْ جَعَلْتَ عُمُرَهُ؟ قَالَ: سِتِّينَ سَنَةً. قَالَ: أَيْ رَبِّ، زِدْهُ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعِينَ سَنَةً. فَلَمَّا انْقَضَى عُمُرُ آدَمَ، جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ قَالَ: أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ عُمُرِي أَرْبَعُونَ (3) سَنَةً؟ قَالَ: أوَ لَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ؟ قَالَ: فَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَنَسِيَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ، وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ".
ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوي مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي نُعَيْم الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْن، بِهِ. وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ (4)
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ، إِلَى أَنْ قَالَ: "ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ: يَا آدَمُ، هَؤُلَاءِ ذَرِّيَّتُكَ. وَإِذَا فِيهِمُ الْأَجْذَمُ وَالْأَبْرَصُ وَالْأَعْمَى، وَأَنْوَاعُ الْأَسْقَامِ، فَقَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا بِذُرِّيَّتِي؟ قَالَ: كَيْ تُشْكَرَ نِعْمَتِي. وَقَالَ آدَمُ: يَا رَبِّ، مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَرَاهُمْ أظْهَرَ النَّاسِ نُورًا؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءُ يَا آدَمُ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ". ثُمَّ ذَكَرَ قِصَّةَ دَاوُدَ، كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ (5)
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ قَتَادَةَ النَّصْري (6) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَكِيمٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتُبْدَأُ الْأَعْمَالُ، أَمْ قَدْ قُضِي الْقَضَاءُ؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَخَذَ ذُرِّيَّةَ آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ، ثُمَّ أَشْهَدُهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ أَفَاضَ بِهِمْ فِي كَفَّيْهِ" ثُمَّ قَالَ: "هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَهَؤُلَاءِ فِي النَّارِ، فَأَهْلُ الْجَنَّةِ مُيَسَّرون لِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَهْلُ النَّارِ مُيَسَّرون لِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ".
رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ من طرق عنه (7)
__________
(1) زيادة من أ.
(2) زيادة من أ.
(3) في د، أ: "أربعين".
(4) سنن الترمذي برقم (3076) والمستدرك (2/325) .
(5) ورواه أبو الشيخ في العظمة برقم (1015) من طريق محمد بن شعيب، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، به. وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ضَعِيفُ.
(6) في أ: "البصري".
(7) تفسير الطبري (13/244) وقد توسع الشيخ محمود شاكر في الكلام عليه في الحاشية بما يغني عن إعادته هنا.

الصفحة 504