كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 3)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا [فَأَتْبَعَهُ] } (1) الْآيَةَ، قَالَ: هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، يُقَالُ لَهُ: بَلْعم بْنُ أبَرَ. وَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، بِهِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَة، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] (2) هُوَ صَيْفِيُّ بْنُ الرَّاهِبِ.
قَالَ قَتَادَةُ: وَقَالَ كَعْبٌ: كَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْبَلْقَاءِ، وَكَانَ يَعْلَمُ الِاسْمَ الْأَكْبَرَ، وَكَانَ مُقِيمًا بِبَيْتِ (3) الْمَقْدِسِ مَعَ الْجَبَّارِينَ.
وَقَالَ العَوْفي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] (4) هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ، يُقَالُ لَهُ: بَلْعَم، آتَاهُ اللَّهُ آيَاتِهِ فَتَرَكَهَا.
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: كَانَ مِنْ عُلَمَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، يُقَدِّمُونَهُ فِي الشَّدَائِدِ، بَعَثَهُ نَبِيُّ اللَّهِ مُوسَى إِلَى مَلِكِ مَدْين يَدْعُوهُ إِلَى اللَّهِ، فَأَقْطَعُهُ وَأَعْطَاهُ، فَتَبِعَ دِينَهُ وَتَرَكَ دِينَ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ حُصَين، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] (5) هُوَ بَلْعَمُ بْنُ بَاعِرَ. وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] (6) قَالَ: هُوَ بِلْعَامُ -وَقَالَتْ ثَقِيفٌ: هُوَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ.
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو [رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] (7) فِي قَوْلِهِ: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ [آيَاتِنَا] } (8) قَالَ: هُوَ صَاحِبُكُمْ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، عَنْهُ وَهُوَ صَحِيحٌ إِلَيْهِ، وَكَأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ يُشْبِهُهُ، فَإِنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّصَلَ إِلَيْهِ عِلْمٌ كَثِيرٌ مِنْ عِلْمِ الشَّرَائِعِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِعِلْمِهِ، فَإِنَّهُ أَدْرَكَ زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبَلَغَتْهُ أَعْلَامُهُ وَآيَاتُهُ وَمُعْجِزَاتُهُ، وَظَهَرَتْ لِكُلِّ مَنْ لَهُ بَصِيرَةٌ، وَمَعَ هَذَا اجْتَمَعَ بِهِ وَلَمْ يَتْبَعْهُ، وَصَارَ إِلَى مُوَالَاةِ الْمُشْرِكِينَ وَمُنَاصَرَتِهِمْ وَامْتِدَاحِهِمْ، وَرَثَى أَهْلَ بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَرْثَاةٍ بَلِيغَةٍ، قَبَّحَهُ اللَّهُ [تَعَالَى] (9) (10) وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ: "أَنَّهُ مِمَّنْ آمَنَ لِسَانُهُ، وَلَمْ يُؤْمِنْ قَلْبُهُ"؛ فَإِنَّ لَهُ أَشْعَارًا رَبَّانِيَّةً وَحِكَمًا وَفَصَاحَةً، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَشْرَحِ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْأَعْوَرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا} قَالَ: هُوَ رَجُلٌ أُعْطِيَ ثَلَاثَ دَعْوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُ فِيهِنَّ، وَكَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ، فَقَالَتْ: اجْعَلْ لِي مِنْهَا واحدة. قال:
__________
(1) زيادة من ك.
(2) زيادة من أ.
(3) في أ: "بيت".
(4) زيادة من أ.
(5) زيادة من أ.
(6) زيادة من أ.
(7) زيادة من أ.
(8) زيادة من ك، م، أ.
(9) زيادة من أ.
(10) انظر: العقيدة في السيرة النبوية لابن هشام (2/30) .
الصفحة 507