كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 3)
وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا تَوَاجَهَ الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا، فَالْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِي النَّارِ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا الْقَاتِلُ فَمَا بَالُ الْمَقْتُولِ؟ قَالَ: "إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ". (1)
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عَيَّاش (2) بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ بُسْر بْنِ سَعِيدٍ (3) ؛ أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ عِنْدَ فِتْنَةِ عُثْمَانَ: أَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قَالَ: "إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي". قَالَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي فَبَسَطَ يَدَهُ إليَّ لِيَقْتُلَنِي قَالَ: "كُنْ كَابْنِ آدَمَ".
وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ قُتَيْبَة بْنِ سَعِيدٍ (4) وَقَالَ: هَذَا الْحَدِيثُ حَسَنٌ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وخَباب بْنِ الْأَرَتِّ، وَأَبِي بَكْرَة (5) وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي وَاقِدٍ، وَأَبِي مُوسَى، وخَرَشَة. وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ: الرَّجُلُ هُوَ حُسَيْنٌ الْأَشْجَعِيُّ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِهِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ خَالِدٍ الرَّمْلِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ، عَنْ عَيَّاشِ بْنِ عَبَّاسٍ (6) عَنْ بُكَيْر، عَنْ بُسْر بْنِ سَعِيدٍ (7) عَنْ حُسَيْنِ (8) بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَشْجَعِيِّ؛ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ دَخَلَ عَلَيَّ بَيْتِي وَبَسَطَ يَدَهُ لِيَقْتُلَنِي؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كُنْ كَابْنِ آدَم" وَتَلَا يَزِيدُ: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (9)
قَالَ أَيُّوبُ السَّخْتَياني: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَخَذَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} لَعُثْمان بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مَرْحوم، حَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ الجَوْني، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: رَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ، وَقَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ النَّاسَ جوعٌ شَدِيدٌ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ ". قَالَ: قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "تَعَفَّفْ" قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنْ أَصَابَ النَّاسَ موتٌ شَدِيدٌ، وَيَكُونُ الْبَيْتُ فِيهِ بِالْعَبْدِ، يَعْنِي الْقَبْرَ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ " قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "اصْبِرْ". قَالَ: "يَا أَبَا ذَرٍّ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، يَعْنِي حَتَّى تَغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ مِنَ الدِّمَاءِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ ". قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "اقْعُدْ فِي بَيْتِكَ وَأَغْلِقْ عَلَيْكَ بَابَكَ". قَالَ: فَإِنْ لَمْ أتْرَك؟ قال: "فأت من أنت منهم، فكن
__________
(1) صحيح البخاري برقم (31) وصحيح مسلم برقم (2888) من حديث أبي بكرة، رضي الله عنه.
(2) في أ: "عباس".
(3) في ر: "بشر بن سعد"، وفي أ: "بشر بن سعيد".
(4) المسند (1/185) وسنن الترمذي برقم (3194) .
(5) في أ: "وأبي بكر".
(6) في أ: "المفضل بن عباس عن ابن عباس".
(7) في ر: "بشر بن سعيد".
(8) في ر: "سعيد".
(9) سنن أبي داود برقم (4257) .
الصفحة 86