كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 4)

أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا، وَمِنْ عِنْدِ رِجْلَيْهِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا". قَالَ: "فَيُوَسِّعَانِ لَهُ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ".
قَالَ الْبُرْسَانِيُّ: فَأَحْسَبُهُ: وَأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا تُحَاطُ بِهِ (1) .
قَالَ: "ثُمَّ يَقُولَانِ لَهُ: انْظُرْ فَوْقَكَ، فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ إِلَى الْجَنَّةِ". قَالَ: "فَيَقُولَانِ لَهُ: وليَّ اللَّهِ، هَذَا مَنْزِلُكَ إِذْ أَطَعْتَ اللَّهِ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ (2) إِنَّهُ يَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَرْحَةٌ، وَلَا تَرْتَدُّ أَبَدًا، ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: انْظُرْ تَحْتَكَ". قَالَ: "فَيَنْظُرُ تَحْتَهُ فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ إِلَى النَّارِ قَالَ: "فَيَقُولَانِ: وَلِيَّ اللَّهِ نَجَوْتَ آخِرَ مَا عَلَيْكَ". قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أنه لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَرْحَةٌ لَا تَرْتَدُّ أَبَدًا". قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يُفْتَحُ لَهُ سَبْعَةٌ وَسَبْعُونَ بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ، يَأْتِيهِ رِيحُهَا وَبَرْدُهَا، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ.
وَبِالْإِسْنَادِ الْمُتَقَدِّمِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَكِ (3) الْمَوْتِ: انْطَلِقْ إِلَى عَدُوِّي فَأْتِنِي بِهِ، فَإِنِّي قَدْ بَسَطْتُ لَهُ رِزْقِي، ويَسّرت لَهُ نِعْمَتِي، فَأَبَى إِلَّا مَعْصِيَتِي، فَأْتِنِي بِهِ لِأَنْتَقِمَ مِنْهُ".
قَالَ: "فَيَنْطَلِقُ إِلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فِي أَكْرَهِ صُورَةٍ مَا رَآهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَطّ، لَهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ (4) عَيْنًا، وَمَعَهُ سَفُود مِنَ النَّارِ كَثِيرُ الشَّوْكِ، وَمَعَهُ خَمْسُمِائَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، مَعَهُمْ نُحَاسٌ وَجَمْرٌ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ، وَمَعَهُمْ سِيَاطٌ مِنْ نَارٍ، لِينُهَا لِينُ السِّيَاطِ وَهِيَ نَارٌ تَأَجُّجُ". قَالَ: "فَيَضْرِبُهُ مَلَكُ الْمَوْتِ بِذَلِكَ السَّفُّودِ ضَرْبَةً يغيبُ كُلُّ أَصْلِ شَوْكَةٍ مِنْ ذَلِكَ السَّفُّودِ فِي أَصْلِ كُلِّ شَعْرَةٍ وَعِرْقٍ وَظُفْرٍ". قَالَ: "ثُمَّ يَلْوِيهِ لَيًّا شَدِيدًا". قَالَ: "فَيَنْزِعُ رُوحَهُ مِنْ أَظْفَارِ قَدَمَيْهِ". قَالَ: "فَيُلْقِيهَا" فِي عَقِبَيْهِ (5) ثُمَّ يَسْكَرُ (6) عِنْدَ ذَلِكَ عَدُوُّ اللَّهِ (7) سَكْرَةً، فَيُرَفِّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَنْهُ". قَالَ: "وَتَضْرِبُ (8) الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ ودُبُره بِتِلْكَ السِّيَاطِ". [قَالَ: "فَيَشُدُّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ شَدَّةً، فَيَنْزِعُ رُوحَهُ مِنْ عَقِبَيْهِ، فَيُلْقِيهَا فِي رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ يَسْكَرُ عَدُوُّ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ سَكْرَةً، فَيُرَفِّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَنْهُ". قَالَ: "فَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ بِتِلْكَ السِّيَاطِ"] (9) قَالَ: "ثُمَّ يَنْتُرُهُ (10) مَلَكُ الْمَوْتِ نَتَرة، فَيَنْزِعُ رُوحَهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ فَيُلْقِيهَا فِي حَقُوَيْهِ". قَالَ: "فَيَسْكَرُ عَدُوُّ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ سَكْرَةً، فَيُرَفِّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَنْهُ". قَالَ: "وَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ (11) وَجْهَهُ ودُبُره بِتِلْكَ السِّيَاطِ". قَالَ: "كَذَلِكَ إِلَى صَدْرِهِ، ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى حَلْقِهِ". قَالَ: ثُمَّ تَبْسُطُ الْمَلَائِكَةُ ذَلِكَ النُّحَاسَ وَجَمْرَ جَهَنَّمَ تَحْتَ ذَقَنِهِ". قَالَ: "وَيَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ: اخْرُجِي أَيَّتُهَا الرُّوحُ اللَّعِينَةُ الْمَلْعُونَةُ إِلَى سَمُوم وَحَمِيمٍ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ، لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ".
قَالَ: "فَإِذَا قَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ قَالَ الرُّوحُ لِلْجَسَدِ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي شَرًّا، فَقَدْ كُنْتَ سَرِيعًا بِي
__________
(1) في أ: "محاط".
(2) في أ: "والذي نفسي بيده".
(3) في أ: "إلى ملك".
(4) في أ: "اثني عشر".
(5) في هـ: "ركبتيه" والمثبت من ت، أ.
(6) في أ: "قال: فيسكر".
(7) في ت: "قال فيسكر عدو الله عند ذلك".
(8) في ت: "ويضرب".
(9) زيادة من ت، أ.
(10) في ت، أ: "فينتره".
(11) في ت: "فيضرب"، وفي أ: "فتضرب".

الصفحة 506