كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 4)
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيد، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَا قَالَ فِي "الْأَنْفَالِ": {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فَنَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي تَلِيهَا: {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} فقُوتلوا بِمَكَّةَ، فَأَصَابَهُمْ فِيهَا الْجُوعُ وَالضُّرُّ.
وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي (1) تُمَيْلة يَحْيَى بْنِ وَاضِحٍ (2)
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْج وَعُثْمَانَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} ثُمَّ اسْتَثْنَى أَهْلَ الشِّرْكِ فَقَالَ [تَعَالَى] (3) {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}
وَقَوْلُهُ: {وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} أَيْ: وَكَيْفَ لَا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَي الَّذِي بِبَكَّةَ، يَصُدُّونَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهُ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَهُ وَالطَّوَافِ بِهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ} أَيْ: هُمْ لَيْسُوا أَهْلَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَإِنَّمَا أَهْلُهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [التَّوْبَةِ: 17، 18] ،وَقَالَ تَعَالَى: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ [وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ] } (4) الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: 217] . .
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيه فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ -هُوَ الطَّبَرَانِيُّ-حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ صَدَقَةَ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا نُعَيْم بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ آلُكَ؟ قَالَ (5) كُلُّ تَقِيٍّ"، وَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ} (6)
وَقَالَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْم (7) عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْشًا فَقَالَ: "هَلْ فِيكُمْ مِنْ غَيْرِكُمْ؟ " قَالُوا: فِينَا ابْنُ أُخْتِنَا (8) وَفِينَا حَلِيفُنَا، وَفِينَا مَوْلَانَا. فَقَالَ: "حَلِيفُنَا مِنَّا، وَابْنُ أُخْتِنَا مِنَّا، وَمَوْلَانَا مِنَّا، إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْكُمُ الْمُتَّقُونَ".
ثُمَّ قَالَ: هَذَا [حَدِيثٌ] (9) صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ (10)
__________
(1) في أ: "ابن".
(2) في ك: "وضاح".
(3) زيادة من أ.
(4) زيادة من أ.
(5) في أ: "فقال".
(6) رواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (5002) "مجمع البحرين" وقال: "لم يروه عن يحيى إلا نوح تفرد به نعيم". وقال الهيثمي في المجمع (10/269) : "فيه نوح بن أبي مريم وهو ضعيف".
(7) في أ: "خيثم".
(8) في د، ك، م: "أخينا".
(9) زيادة من أ.
(10) المستدرك (2/328) .
الصفحة 51