كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 4)
وَكَذَا رَوَى الثَّوْرِيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ، بِنَحْوِهِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنة، عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، سَمِعَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ يَقُولُ: قَالَ عَلِيٌّ: فِينَا وَاللَّهِ -أَهْلَ بَدْرٍ -نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَنزعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}
وَقَالَ كَثِيرٌ النَّواء: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ فَقُلْتُ: وَلِيِّي وَلِيُّكُمْ، وَسِلْمِي سِلْمُكُمْ، وَعَدُوِّي عَدُوُّكُمْ، وَحَرْبِي حَرْبُكُمْ. إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ: أَتَبْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ فَقَالَ: {قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [الْأَنْعَامِ: 56] تَوَلَّهُمَا (1) يَا كَثِيرُ، فَمَا أَدْرَكَكَ فَهُوَ فِي رَقَبَتِي هَذِهِ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعَلِيٌّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} قَالَ: هُمْ عَشَرَةٌ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَطَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
وَقَوْلُهُ: {مُتَقَابِلِينَ} قَالَ مُجَاهِدٌ: لَا يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ فِي قَفَا بَعْضٍ.
وَفِيهِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدَكَ الْقَزْوِينِيُّ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بِشْرٍ (2) حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الْقُرَشِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} فِي اللَّهِ، يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ (3)
وَقَوْلُهُ: {لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ} يَعْنِي: الْمَشَقَّةُ وَالْأَذَى، كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: "إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُبَشِّرَ خَدِيجَةَ بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قصَب، لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ" (4)
وَقَوْلُهُ: {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "يُقَالُ (5) يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَمْرَضُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَعِيشُوا فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أبدا، وإن لكم أَنْ تُقِيمُوا فَلَا تَظْعَنُوا أَبَدًا"، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلا} [الْكَهْفِ: 108]
وَقَوْلُهُ: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الألِيمُ} أَيْ: أَخْبِرْ يَا مُحَمَّدُ عِبَادِي أَنِّي ذُو رَحْمَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ نَظِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى مَقَامَيِ الرجاء والخوف، وذكر في سبب
__________
(1) في ت: "برهما" وفي أ": "برها".
(2) في هـ، ت، أ: "بشر" والمثبت عن الجرح والتعديل 1/1/60 مستفادا من حاشية الشعب.
(3) ورواه البخاري في التاريخ الكبير (3/386) في ترجمة زيد بن أبي أوفى ومن طريق حسان بن حسان به، وقال: "لا يتابع عليه".
(4) صحيح البخاري برقم (3820) وصحيح مسلم برقم (2432) من حديث أبي هريرة، رضي الله عنه.
(5) في أ: "فقال".
الصفحة 539