كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 4)

-هُوَ اللَّبَقِيُّ-حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ -هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ-قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُمْ بِالشِّفَاءَيْنِ: الْعَسَلُ وَالْقُرْآنُ" (1) .
وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ، تَفَرَّدَ بِإِخْرَاجِهِ ابْنُ مَاجَهْ مَرْفُوعًا، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيع، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَانَ -هُوَ الثَّوْرِيُّ-بِهِ مَوْقُوفًا (2) : وَلَهو (3) أَشْبَهُ.
وَرُوِّينَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمُ الشِّفَاءَ فَلْيَكْتُبْ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فِي صَحْفَة، وَلْيَغْسِلْهَا بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَلْيَأْخُذْ مِنِ امْرَأَتِهِ دِرْهَمًا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا، فَلْيَشْتَرِ بِهِ عَسَلًا فَلْيَشْرَبْهُ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ شِفَاءٌ (4) . أَيْ: مِنْ وُجُوهٍ، قَالَ اللَّهُ: {وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ} [الْإِسْرَاءِ: 82] وَقَالَ: {وَنزلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا} [ق: 9] وَقَالَ: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النِّسَاءِ: 4] ، وَقَالَ فِي الْعَسَلِ: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ}
وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاش، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْقُرَشِيُّ، حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَاشِمِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ لَعِق الْعَسَلَ ثَلَاثَ غَدَوَاتٍ فِي كُلِّ شَهْرٍ لَمْ يُصِبْهُ عَظِيمٌ مِنَ الْبَلَاءِ" (5) .
الزُّبَيْرُ بْنُ سَعِيدٍ مَتْرُوكٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ بْنِ سَرْح الْفِرْيَابِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ (6) السَّكْسَكي، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي عبَلة. سمعت أبا أبي ابن أُمِّ حَرَام -وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ-يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقُولُ: "عَلَيْكُمْ بالسَّنَى والسَّنُّوت، فَإِنَّ فِيهِمَا شِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ إِلَّا السَّامَ". قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا السَّامُ؟ قَالَ: "الْمَوْتُ".
قَالَ عَمْرٌو: قَالَ ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ: "السَّنُّوت": الشِّبْتُ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هُوَ الْعَسَلُ الَّذِي [يَكُونُ] (7) فِي زِقَاق السَّمْنِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
هُمُ السَّمْنُ بالسَّنُّوت لَا ألْسَ فِيهِمْ ... وَهُمْ يَمنَعُونَ الجارَ أنْ يُقَرَّدا ...
كَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (8) . وَقَوْلُهُ: "لَا ألْسَ فِيهِمْ" أَيْ: لَا خَلْطَ. وَقَوْلُهُ: "يَمْنَعُونَ الْجَارَ أَنْ يقَرَّدا"، [أَيْ يُضْطَهَدَ وَيُظْلَمَ] (9) .
وَقَوْلُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} أَيْ: إِنَّ فِي إِلْهَامِ اللَّهِ لِهَذِهِ الدَّوَابِّ الضَّعِيفَةِ الْخِلْقَةِ إِلَى السُّلُوكِ فِي هَذِهِ الْمَهَامَةِ وَالِاجْتِنَاءِ مِنْ سَائِرِ الثِّمَارِ، ثُمَّ جَمْعِهَا للشمع والعسل، وهو من أطيب
__________
(1) سنن ابن ماجه رقم (3452) .
(2) تفسير الطبري (14/ 94) وقال الدارقطني في العلل: "الموقوف أصح".
(3) في ت، ف: "وهو".
(4) قال ابن حجر في الفتح (10/ 170) : "أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير بسند حسن".
(5) سنن ابن ماجة برقم (3450) وهو منقطع أيضًا، عبد الحميد بن سالم لم يسمعه من أبي هريرة.
(6) في ف: "بكير".
(7) زيادة من ت، ف، أ، وسنن ابن ماجة.
(8) سنن ابن ماجه برقم (3457) وقال البوصيري في الزوائد (3/123) : "إسناده ضعيف" ثم أعله بعمرو السكسكي.
(9) زيادة من ت، ف، أ.

الصفحة 584