كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 4)
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ عَلَى رَجُلٍ دَخَلَ فِي الْإِسْلَامِ فَقَالَ: "تُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَحُجُّ الْبَيْتَ، وَتَصُومُ رَمَضَانَ، وَأَنَّكَ لَا تَرَى نَارَ مُشْرِكٍ إِلَّا وَأَنْتَ لَهُ حَرْبٌ" (1)
وَهَذَا مُرْسَلٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَقَدْ رُوِيَ مُتَّصِلًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: "أَنَا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمُشْرِكِينَ"، ثُمَّ قَالَ: "لَا يَتَرَاءَى نَارَاهُمَا" (2)
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْجِهَادِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سَعْدِ بن سَمُرَة بن جُنْدُب [حدثني خبيب بن سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِيهِ سُلَيْمَانَ بْنِ سَمُرَةَ] (3) عَنْ سمرة بن جندب: أما بعد، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ جَامَعَ الْمُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَإِنَّهُ مِثْلُهُ" (4)
وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُوَيه، مِنْ حَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَسَعِيدٍ ابْنَيْ عُبَيْدٍ، عَنْ أَبِي حَاتِمٍ (5) الْمُزَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضون دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا (6) تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ". قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ؟ قَالَ: "إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، بِهِ بِنَحْوِهِ (7)
ثُمَّ رُويَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ (8) عَجْلان، عَنِ ابْنِ وَثيمةَ النَّصْري (9) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَتَاكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا (10) تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ" (11)
وَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} أَيْ: إِنْ لَمْ تُجَانِبُوا الْمُشْرِكِينَ وَتُوَالُوا الْمُؤْمِنِينَ، وَإِلَّا وَقَعَتِ الْفِتْنَةُ فِي النَّاسِ، وَهُوَ الْتِبَاسُ الْأَمْرِ، وَاخْتِلَاطُ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ، فَيَقَعُ بَيْنَ النَّاسِ فَسَادٌ مُنْتَشِرٌ طَوِيلٌ عَرِيضٌ.
__________
(1) تفسير الطبري (14/82) .
(2) رواه أبو داود في السنن برقم (2645) والترمذي في السنن برقم (1604) والنسائي في السنن (8/36) من حديث جرير بن عبد الله، رضي الله عنه.
(3) زيادة من د، ك، م، وأبي داود.
(4) سنن أبي داود برقم (2787) .
(5) في أ: "حازم".
(6) في ك: "تفعلوه".
(7) رواه أبو داود في المراسيل برقم (224) والترمذي في السنن برقم (1085) .
(8) في أ: "أبي".
(9) في أ: "ابن أبي وثيمة النصري".
(10) في ك: "تفعلوه".
(11) ورواه الترمذي في السنن برقم (1084) من طريق عبد الحميد بن سليمان به، وقال: "حديث أبي هريرة قد خولف عبد الحميد ابن سليمان في هذا الحديث، ورواه الليث بن سعد عن ابن عجلان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم مرسلا ثم قال: وحديث الليث أشبه، ولم يعد حديث عبد الحميد محفوظا".
الصفحة 98