كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

وَلْنَذْكُرِ الْآنَ (1) الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ:
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبَانٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ آدَمَ بْنِ عَلِيٍّ، سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ [يَقُولُ] (2) : إِنَّ النَّاسَ يَصِيرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ جُثًا، كُلُّ أُمَّةٍ تَتْبَعُ نَبِيَّهَا، يَقُولُونَ: يَا فُلَانُ اشْفَعْ، يَا فُلَانُ اشْفَعْ حَتَّى تَنْتَهِيَ الشَّفَاعَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَلِكَ يَوْمَ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا (3) .
وَرَوَاهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، حَدَّثَنَا (4) شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي (5) اللَّيْثُ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ الشَّمْسَ لَتدنو حَتَّى يَبْلُغَ (6) العَرَقُ نصفَ الْأُذُنِ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ اسْتَغَاثُوا (7) بِآدَمَ، فَيَقُولُ: لَسْتُ صَاحِبَ ذَلِكَ، ثُمَّ بِمُوسَى فَيَقُولُ كَذَلِكَ، ثُمَّ بِمُحَمَّدٍ فَيَشْفَعُ بَيْنَ الْخَلْقِ (8) ، فَيَمْشِي حَتَّى يَأْخُذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا". [يَحْمَدُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ كُلُّهُمْ] (9) .
وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي "الزَّكَاةِ" عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْر، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ، كِلَاهُمَا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، بِهِ (10) ، وَزَادَ "فَيَوْمَئِذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا محمودًا، بحمده أَهْلُ الْجَمْعِ كُلُّهُمْ".
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَيَّاش، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزة، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المُنْكَدِر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّت لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ". انْفَرَدَ بِهِ دُونَ مُسْلِمٍ (11) .
حَدِيثُ أُبَيٍّ:
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا زُهَيْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، كَنْتُ إِمَامَ الْأَنْبِيَاءِ وَخَطِيبَهُمْ، وَصَاحِبَ شَفَاعَتِهِمْ غَيْرَ فَخْر" (12) .
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَامِرٍ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَمْرو العَقَديّ، وَقَالَ: "حَسَنٌ صَحِيحٌ ". وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ بِهِ. وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي حَدِيثِ: "أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ" فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آخِرِهِ: "فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ، اغْفِرْ لِأُمَّتِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي، وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ إِلَيَّ فِيهِ الْخَلْقُ، حَتَّى إبراهيم عليه السلام" (13) .
__________
(1) في ت: "الآية".
(2) زيادة من ت، ف، أ، والبخاري.
(3) صحيح البخاري برقم (4718) .
(4) في ت: "قال: حدثنا".
(5) في ت: "قال: حدثني".
(6) في ت: "تبلغ".
(7) في ت: "استغاث".
(8) في ت: "الخلائق".
(9) زيادة من أ.
(10) تفسير الطبري (15/98) وصحيح البخاري برقم (1475) .
(11) صحيح البخاري برقم (4719) .
(12) المسند (5/137) .
(13) سنن الترمذي برقم (3613) وسنن ابن ماجة برقم (4314) .

الصفحة 105