كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبة، حَدَّثَنَا قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَجْتَمِعُ (1) الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُلْهَمُونَ ذَلِكَ فَيَقُولُونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنَا إِلَى رَبِّنَا، فَأَرَاحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو (2) الْبَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَسْجَدَ لَكَ مَلَائِكَتَهُ، وَعَلَّمَكَ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ (3) حَتَّى يُرِيحَنَا مِنْ مَكَانِنَا هَذَا. فَيَقُولُ لَهُمْ آدَمُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ ذَنْبَهُ الَّذِي أَصَابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ ذَلِكَ، وَيَقُولُ: وَلَكِنِ ائْتُوا نُوحًا، فَإِنَّهُ أَوَّلُ رَسُولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ. فَيَأْتُونَ نُوحًا فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ خَطِيئَةَ (4) سُؤَالَهُ رَبَّهُ مَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنِ ائْتُوا إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ. فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُوسَى، عَبْدًا كَلَّمَهُ اللَّهُ، وَأَعْطَاهُ التَّوْرَاةَ. فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَيَذْكُرُ لَهُمُ النَّفْسَ الَّتِي قَتَلَ بِغَيْرِ نَفْسٍ (5) فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَكِنِ ائْتُوا عِيسَى عَبْدَ اللَّهِ وَرَسُولَهُ، وَكَلِمَتَهُ وَرُوحَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ: لَسْتُ هُنَاكُمْ، وَلَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا عَبْدًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ فَيَأْتُونِي". قَالَ الْحَسَنُ هَذَا الْحَرْفُ (6) : "فَأَقُومُ فَأَمْشِي بَيْنَ سِماطين مِنَ الْمُؤْمِنِينَ". قَالَ أَنَسٌ: "حَتَّى أَسْتَأْذِنَ عَلَى رَبِّي، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ -أَوْ: خَرَرْتُ -سَاجِدًا لِرَبِّي، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي". قَالَ: "ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَاشْفَعْ تَشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ. فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنيه، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ": "ثُمَّ (7) أَعُودُ (8) إِلَيْهِ الثَّانِيَةَ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ (9) -أَوْ: خَرَرْتُ -سَاجِدًا لِرَبِّي، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي. ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنيه، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَعُودُ فِي الثَّالِثَةِ؛ فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ -أَوْ: خَرَرْتُ -سَاجِدًا لِرَبِّي، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، قُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهُ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَرْفَعُ رَأْسِي فَأَحْمَدُهُ بِتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنيه ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا فَأُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ. ثُمَّ أَعُودُ الرَّابِعَةَ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ". فَحَدَّثَنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "فَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيْرَةً، ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّة ثُمَّ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ" وَكَانَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً".
أَخْرَجَاهُ [فِي الصَّحِيحِ] (10) مِنْ حَدِيثِ سَعِيدٍ، بِهِ (11) وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ عَفَّانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أنس بطوله (12) .
__________
(1) في ف، أ: "يجمع".
(2) في ت: "أول".
(3) في ت: "ربنا".
(4) في ت، ف، أ: "خطيئته".
(5) في ف: "بغير حق".
(6) في ت: "الخوف".
(7) في ف، أ: "قال: ثم".
(8) في ت: "أدعو".
(9) في أ: "وقعت له".
(10) زيادة من أ.
(11) المسند (3/116) وصحيح البخاري برقم (4476) وصحيح مسلم برقم (193) .
(12) المسند (3/244) .

الصفحة 106