كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

فَيَأْتُونِي فَيَقُولُونَ: يَا مُحَمَّدُ، أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ، وَخَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فَأَقُومُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ، وَيُلْهِمُنِي مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي. فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، يَا رَبِّ، أُمَّتِي أُمَّتِي! فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ: أَدْخِلْ مِنْ أُمَّتِكَ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ مِنَ الْبَابِ الْأَيْمَنِ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَهُمْ شُرَكَاءُ النَّاسِ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْأَبْوَابِ". ثُمَّ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَمَا بَيْنَ مِصْراعين مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَر، أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وبُصْرَى". أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ (1) .
وَقَالَ مُسْلِمٌ، رَحِمَهُ اللَّهُ: حَدَّثَنَا الْحَكْمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ فرُّوخ، حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّع" (2) .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا وَكِيع، عَنْ دَاوُدَ بْنِ يَزِيدَ الزَّعَافِرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} ، سُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ: "هِيَ الشَّفَاعَةُ " (3) .
رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ وَكِيعٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ (4) بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ دَاوُدَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} قَالَ: "هُوَ الْمَقَامُ الَّذِي أَشْفَعُ لِأُمَّتِي فِيهِ" (5) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، مَدَّ اللَّهُ الْأَرْضَ مَدَّ الْأَدِيمِ، حَتَّى لَا يَكُونَ لِبَشَرٍ مِنَ النَّاسِ إِلَّا مَوْضِعُ قَدَمِهِ (6) . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُدْعَى، وَجِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ (7) وَاللَّهِ مَا رَآهُ قَبْلَهَا، فَأَقُولُ (8) رَبِّ، إِنَّ هَذَا أَخْبَرَنِي أَنَّكَ أَرْسَلْتَهُ إِلَيَّ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: صَدَقَ، ثُمَّ أُشَفَّعُ. فَأَقُولُ: يَا رَبِّ عِبَادُكَ عَبَدُوكَ فِي أَطْرَافِ الْأَرْضِ"، قَالَ: "فَهُوَ المقام المحمود" (9) ، وهذا حديث مرسل.
__________
(1) المسند (2/435) وصحيح البخاري برقم (4712) وصحيح مسلم برقم (894) .
(2) صحيح مسلم برقم (2278) .
(3) تفسير الطبري (15/98) .
(4) في هـ: "عن وكيع عن محمد بن عبيد"، والمثبت من ت.
(5) المسند (2/441، 444) .
(6) في ت، ف: "قدميه".
(7) في ت: "الرحمن عز وجل"، وفي ف، أ: "الرحمن تبارك وتعالى".
(8) في ت، ف، أ: "فأقول: أي".
(9) تفسير عبد الرزاق (1/328) .

الصفحة 110