كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

مَا تَعْلَمُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ" (1)
ثُمَّ رَوَاهُ أَيْضًا النَّسَائِيُّ (2) مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شَدَّادٍ، بِنَحْوِهِ (3)
وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَاجِيَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ الْعَوْفِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحُسَيْنِ، عَنْ يُونُسَ بْنِ نُفَيْعٍ الْجَدَلِيِّ، عَنْ سَعْدِ بْنِ جُنَادَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كُنْتُ فِي أَوَّلِ مَنْ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَهْلِ الطَّائِفِ، فَخَرَجْتُ مِنْ أَهْلِي (4) مِنَ السَّرَاةِ غُدْوَةً، فَأَتَيْتُ مِنًى عِنْدَ الْعَصْرِ، فَتَصَاعَدْتُ فِي الْجَبَلِ ثُمَّ هَبَطْتُ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمْتُ، وَعَلَّمَنِي: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وَ {إِذَا زُلْزِلَتِ} وَعَلَّمَنِي هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَقَالَ: "هُنَّ الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتُ". وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ: "مَنْ قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَتَوَضَّأَ وَمَضْمَضَ فَاهُ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَاللَّهِ أَكْبَرُ مِائَةَ مَرَّةٍ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مِائَةَ مَرَّةٍ، غُفِرَتْ ذُنُوبُهُ إِلَّا الدِّمَاءَ فَإِنَّهَا لَا تُبْطَلُ" (5)
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عباس قوله: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} قَالَ: هِيَ ذِكْرُ اللَّهِ، قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَتَبَارَكَ اللَّهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَالصِّيَامُ، وَالصَّلَاةُ، وَالْحَجُّ، وَالصَّدَقَةُ، وَالْعِتْقُ، وَالْجِهَادُ، وَالصِّلَةُ، وَجَمِيعُ أَعْمَالِ الْحَسَنَاتِ. وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ، الَّتِي تَبْقَى لِأَهْلِهَا فِي الْجَنَّةِ، مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ.
وَقَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُنّ الْكَلَامُ الطَّيِّبُ.
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: هِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ كُلُّهَا. وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47) وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا (48) وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) } .
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ أَهْوَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا يَكُونُ فِيهِ مِنَ الْأُمُورِ الْعِظَامِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْرًا وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا} [الطُّورِ:9، 10] أَيْ: تذهب من أماكنها وتزول، كما قال
__________
(1) المسند (4/123) .
(2) في ت: "فالنسائي".
(3) سنن النسائي الكبري برقم (1227) .
(4) في ت، ف، أ: "من أهلي الطائفة".
(5) المعجم الكبير (6/51) وفيه الحسين العوفي ضعيف.

الصفحة 164