كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

فَفَتَحَ". قَالَ أَنَسٌ: فَذُكِرَ أَنَّهُ وَجَدَ فِي السَّمَوَاتِ آدَمَ، وَإِدْرِيسَ، وَمُوسَى، وَعِيسَى، وَإِبْرَاهِيمَ، وَلَمْ يُثْبِتْ كَيْفَ مَنَازِلُهُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ وَجَدَ آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. قَالَ أَنَسٌ: فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِدْرِيسَ قَالَ: "مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ. ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: (1) مَنْ هَذَا؟ قَالَ: مُوسَى (2) ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالْأَخِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عِيسَى (3) ابْنُ مَرْيَمَ. ثُمَّ مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالِابْنِ الصَّالِحِ. قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبْرَاهِيمُ". قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَزْمٍ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَأَبَا حَبَّة (4) الْأَنْصَارِيَّ كَانَا يَقُولَانِ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثُمَّ عُرِجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوًى أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ". قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِي خَمْسِينَ صَلَاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ: فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَجَعْتُ [فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى، قُلْتُ: وَضَعَ شَطْرَهَا. فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَجَعْتُ فَوَضَعَ شَطْرَهَا. فَرَجَعْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا تُطِيقُ ذَلِكَ. فَرَاجَعْتُهُ] (5) فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ وَهِيَ خَمْسُونَ، لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَى فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ. قُلْتُ: قَدِ اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي. ثُمَّ انْطَلَقَ بِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ (6) لَا أَدْرِي مَا هِيَ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا جَنَابذ (7) اللُّؤْلُؤِ وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ".
هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِي "كِتَابِ الصَّلَاةِ" (8) وَرَوَاهُ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَفِي الْحَجِّ وَفِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ، عَنْ يُونُسَ، بِهِ (9) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ فِي "كِتَابِ الْإِيمَانِ" مِنْهُ، عَنْ حَرْملة، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ بِهِ نَحْوَهُ. (10) .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا هُمَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيق قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسَأَلْتُهُ. قَالَ: وَمَا كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ: هَلْ رَأَى رَبَّهُ؟ فَقَالَ: إِنِّي قَدْ سَأَلْتُهُ فَقَالَ: "إِنِّي قَدْ رَأَيْتُهُ (11) نُورًا أَنَّى أَرَاهُ" (12) .
هَكَذَا قَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، [عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: سَأَلَتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ رأيت ربك؟ قال: "إني نُورٌ أَنِّي أَرَاهُ".
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّار، عَنْ مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ] (13) قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي ذَرٍّ: لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسَأَلْتُهُ. فَقَالَ (14) عَنْ أَيِّ شيء كنت تسأله؟ قال:
__________
(1) في ف: "فقلت".
(2) في ف، أ: "هذا موسى".
(3) في ف، أ: "هذا عيسى".
(4) في ت: "حية".
(5) زيادة من ت، ف، أ، والبخاري.
(6) في ف: "الألوان".
(7) في ف: "جبال"، وفي أ: "حبائل".
(8) صحيح البخاري برقم (349) .
(9) صحيح البخاري برقم (1636، 3342) .
(10) صحيح مسلم برقم (163) .
(11) في ت، ف، أ: "رأيت".
(12) المسند (5/147) .
(13) زيادة من ت، ف، أ، ومسلم.
(14) في ف: "قال".

الصفحة 18