كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

رِوَايَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قُرْطٍ، أَخِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ الثُّمَالِيِّ:
قَالَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ: حَدَّثَنَا مِسْكِينُ بْنُ مَيْمُونٍ -مُؤَذِّنُ (1) مَسْجِدِ الرَّمْلَةِ-حَدَّثَنِي عُروة بْنُ رُوَيْم، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ قُرط، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى كَانَ بَيْنَ زمزم (2) والمقام، جِبْرِيلُ عَنْ يَمِينِهِ وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، فَطَارَا بِهِ حَتَّى بَلَغَ السَّمَوَاتِ الْعُلَى، فَلَمَّا رَجَعَ قَالَ: "سَمِعْتُ تَسْبِيحًا فِي السَّمَوَاتِ الْعُلَى مَعَ تَسْبِيحٍ كَثِيرٍ (3) ، سَبَّحَتِ السَّمَوَاتُ الْعُلَى مِنْ ذِي الْمَهَابَةِ مُشْفِقَاتٍ مِنْ ذِي الْعُلُوِّ بِمَا عَلَا سُبْحَانَ الْعَلِيِّ الْأَعْلَى، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى" (4) .
وَيُذْكَرُ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ} الْآيَةَ [الْإِسْرَاءِ: 44] .
رِوَايَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ وَأَبِي مَرْيَمَ وَأَبِي شُعَيْبٍ؛ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ بِالْجَابِيَةِ، فَذَكَرَ فَتْحَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَالَ: قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَحَدَّثَنِي أَبُو سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ آدَمَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ لِكَعْبٍ: أَيْنَ تَرَى أَنْ أُصَلِّيَ؟ قَالَ (5) إِنْ أَخَذْتَ عَنِّي صَلَّيْتَ خَلْفَ الصَّخْرَةِ، فَكَانَتِ الْقُدْسُ كُلُّهَا بَيْنَ يَدَيْكَ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: ضَاهَيْتَ الْيَهُودِيَّةَ، [لَا] (6) وَلَكِنْ أُصْلِي حَيْثُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَقَدَّمَ إِلَى الْقِبْلَةِ، فَصَلَّى ثُمَّ جَاءَ فَبَسَطَ رِدَاءَهُ وَكَنَسَ الْكُنَاسَةَ فِي رِدَائِهِ، وَكَنَسَ النَّاسُ (7) .
فَلَمْ يُعَظِّمِ الصَّخْرَةَ تَعْظِيمًا يُصَلِّي وَرَاءَهَا وَهِيَ بَيْنَ يَدَيْهِ، كَمَا أَشَارَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَهَا حَتَّى جَعَلُوهَا قِبْلَتَهُمْ. وَلَكِنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْإِسْلَامِ، فهُدي إِلَى الْحَقِّ؛ وَلِهَذَا لَمَّا أَشَارَ بِذَلِكَ قَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: ضَاهَيْتَ الْيَهُودِيَّةَ، وَلَا أَهَانَهَا إِهَانَةَ النَّصَارَى الَّذِينَ كَانُوا قَدْ جَعَلُوهَا مَزْبَلَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا قِبْلَةُ الْيَهُودِ، وَلَكِنْ أَمَاطَ الْأَذَى، وَكَنَسَ عَنْهَا الْكُنَاسَ بِرِدَائِهِ. وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الغَنَوِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلَا تُصَلُّوا إِلَيْهَا" (8) .
رِوَايَةُ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
وَهِيَ مُطَوَّلَةٌ جِدًّا وَفِيهَا غَرَابَةٌ. قَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِ "سُورَةِ سُبْحَانَ": حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَهْلٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ، عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ غَيْرِهِ -شَكَّ أَبُو جَعْفَرٍ-فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ [إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ مِيكَائِيلُ، فَقَالَ جِبْرِيلُ] (9) لِمِيَكَائِيلَ: ائْتِنِي بطَسْت مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، كَيْمَا أُطَهِّرَ قَلْبَهُ وَأَشْرَحَ لَهُ صَدْرَهُ. قَالَ: فَشَقَّ عَنْهُ بَطْنَهُ، فغسله ثلاث مرات. واختلف إليه
__________
(1) في ت، أ: "مؤدب".
(2) في ت، ف: "من بين زمزم".
(3) في ت: "كبير".
(4) سيأتي من رواية الطبراني من طريق سعيد بن منصور، وانظر تخريجه هناك عند الآية: 44 من هذه السورة.
(5) في ف: "فقال".
(6) زيادة من ت، ف، والمسند.
(7) المسند (1/38) .
(8) صحيح مسلم برقم (972) .
(9) زيادة من ت، ف، أ، والطبري.

الصفحة 32