كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

قَالَ: "فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ (1) ، إِذْ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رِيحًا طَيِّبَةً تَحْتَ آبَاطِهِمْ، فَتَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُسْلِمٍ -أَوْ قَالَ: كُلِّ مُؤْمِنٍ-وَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ يَتَهَارَجُونَ تَهَارُجَ الْحَمِيرِ، وَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ".
انْفَرَدَ (2) بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ دُونَ الْبُخَارِيِّ، فَرَوَاهُ مَعَ بَقِيَّةِ أَهْلِ السُّنَنِ مِنْ طُرُقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، بِهِ (3) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ حَرْمَلَة، عَنْ خَالَتِهِ قَالَتْ: خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَاصِبٌ أصبعُه مِنْ لَدْغَةِ عَقْرب، فَقَالَ: "إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: "لَا عَدُوَّ (4) ، وَإِنَّكُمْ لَا تَزَالُونَ تُقَاتِلُونَ عَدُوًّا، حَتَّى يَأْتِيَ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ عِرَاضُ الْوُجُوهِ، صِغَارُ الْعُيُونِ، صُهْبَ الشِّعَافِ، مِنْ كُلِّ حَدَب يَنْسِلُونَ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ المَجَانّ المُطرَقة" (5) .
وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَرْمَلة الْمُدْلِجِيِّ، عَنْ خَالَةٍ لَهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ (6) .
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَدْ تَقَدَّمَ فِي تَفْسِيرِ آخِرِ سُورَةِ الْأَعْرَافِ مِنْ رِوَايَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، عَنْ هُشَيْم، عَنِ العَوَّام، عَنْ جَبَلَة بْنِ سُحَيْم، عَنْ مُؤثر بْنِ عَفَازَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَقِيتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَالَ: فَتَذَاكَرُوا أَمْرَ السَّاعَةِ، فَرَدُّوا أَمْرَهُمْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهَا (7) . فَرَدُّوا أَمْرَهُمْ إِلَى مُوسَى، فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِهَا (8) . فَرَدُّوا أَمْرَهُمْ إِلَى عِيسَى، فَقَالَ: أَمَّا وَجْبَتها فلا يعلم بها أحد إلا الله، وَفِيهَا عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّيَ أَنَّ الدَّجَّالَ خَارِجٌ".
قَالَ: "وَمَعِي قَضِيبَانِ، فَإِذَا رَآنِي ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الرَّصَاصُ" قَالَ: "فَيُهْلِكُهُ اللَّهُ إِذَا رَآنِي، حَتَّى إِنَّ الْحَجَرَ وَالشَّجَرَ يَقُولُ: يَا مُسْلِمُ إِنَّ تَحْتِي كَافِرًا، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ". قَالَ: "فَيُهْلِكُهُمُ اللَّهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ النَّاسُ إِلَى بِلَادِهِمْ وَأَوْطَانِهِمْ". قَالَ: "فَعِنْدَ ذَلِكَ يَخْرُجُ يأجوج ومأجوج وهم مِنْ كُلِّ حَدَب يَنسلون، فَيَطَؤُونَ بِلَادَهُمْ، لَا (9) يَأْتُونَ عَلَى شَيْءٍ إِلَّا أَهْلَكُوهُ، وَلَا يَمُرُّونَ عَلَى مَاءٍ إِلَّا شَرِبُوهُ". قَالَ: "ثُمَّ يَرْجِعُ النَّاسُ إِلَيَّ يَشْكُونَهُمْ، فَأَدْعُو اللَّهَ عَلَيْهِمْ، فَيُهْلِكُهُمْ وَيُمِيتُهُمْ، حَتَّى تَجوى الْأَرْضُ مِنْ نَتْن رِيحِهِمْ، وَيُنْزِلُ اللَّهُ الْمَطَرَ فَيَجْتَرِفُ أَجْسَادَهُمْ، حَتَّى يَقْذِفَهُمْ فِي الْبَحْرِ. فَفِيمَا عَهِدَ إِلَيَّ رَبِّي أَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ كَذَلِكَ، أَنَّ السَّاعَةَ كَالْحَامِلِ المُتِمّ، لَا يَدْرِي أَهْلُهَا مَتَى تَفْجُؤهم بِوِلَادِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا".
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ، عَنِ العَوَّام بْنِ حَوْشَب، به (10)
__________
(1) في ف: "هم كذلك".
(2) في ت: "وانفرد".
(3) المسند (4/181) وصحيح مسلم برقم (2137) وسنن أبي داود برقم (4321) وسنن الترمذي برقم (2240) وسنن النسائي الكبرى برقم (10783) وسنن ابن ماجه برقم (4075) .
(4) في ت، ف، أ: "لا عدو لكم".
(5) المسند (5/217) .
(6) في ت، أ: "مثله سواء".
(7) في ت: "فيها".
(8) في ت: "فيها".
(9) في ت، ف: "ولا".
(10) المسند (1/375) وسنن ابن ماجه برقم (4081) وسبق عند تفسير الآية: 187 من سورة الأعراف.

الصفحة 375