كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: الْعَضْبُ: النصْف فَأَكْثَرُ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: إِنْ كُسر قَرْنُهَا الْأَعْلَى فَهِيَ قَصْمَاءُ، فَأَمَّا العَضْب فَهُوَ كَسْرُ الْأَسْفَلِ، وَعَضَبُ الْأُذُنِ قَطْعُ بَعْضِهَا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ التَّضْحِيَةَ بِذَلِكَ مُجْزِئَةٌ، لَكِنْ تُكْرَهُ.
وَقَالَ [الْإِمَامُ] (1) أَحْمَدُ: لَا تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ بِأَعْضَبِ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ؛ لِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ الدَّمُ يَسِيلُ مِنَ الْقَرْنِ لَمْ يُجَزِئْ، وَإِلَّا أَجَزَأَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْمُقَابَلَةُ: فَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مُقَدَّمُ أُذُنِهَا، وَالْمُدَابَرَةُ: مِنْ مُؤَخَّرِ أُذُنِهَا. وَالشَّرْقَاءُ: هِيَ الَّتِي قُطِعَتْ أُذُنُهَا طُولًا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ. وَالْخَرْقَاءُ: هِيَ الَّتِي خَرَقت السّمَةُ أُذُنُهَا خَرْقًا مُدَوّرًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: "أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِي: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرها، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضها، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلَعها (2) ، وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنقِي".
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (3) .
وَهَذِهِ الْعُيُوبُ تَنْقُصُ اللَّحْمَ، لِضَعْفِهَا وَعَجْزِهَا عَنِ اسْتِكْمَالِ الرَّعْيِ؛ لِأَنَّ الشَّاءَ يَسْبِقُونَهَا إِلَى الْمَرْعَى، فَلِهَذَا لَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ (4) بِهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَرِيضَةِ مَرَضًا يَسِيرًا، عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، عَنْ عُتبة بْنِ عَبْدٍ السّلَمي؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ المُصْفَرَةِ، والمستأصَلَة، والبَخْقاء، والمشيَّعة، وَالْكَسْرَاءِ (5) (6) .
فَالْمُصْفَرَّةُ قِيلَ: الْهَزِيلَةُ. وَقِيلَ: الْمُسْتَأْصَلَةُ الأذنُ. وَالْمُسْتَأْصَلَةُ: الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ. وَالْبَخْقَاءُ: هِيَ الْعَوْرَاءُ. وَالْمُشَيَّعَةُ: هِيَ الَّتِي لَا تَزَالُ تُشَيَّع خَلفَ الْغَنَمِ، وَلَا تَتْبَع لِضَعْفِهَا. وَالْكَسْرَاءُ: الْعَرْجَاءُ.
فَهَذِهِ الْعُيُوبُ كُلُّهَا مَانعَةٌ [مِنَ الْإِجْزَاءِ، فَإِنْ طَرَأَ الْعَيْبُ] (7) بَعْدَ تَعْيِينِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ عَيْبُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَدْ رَوَى الإمامُ أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: اشْتَرَيْتُ كَبْشًا أُضَحِّي بِهِ، فَعَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ الْأَلْيَةَ. فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "ضَحِّ بِهِ" (8) وَلِهَذَا [جَاءَ] (9) فِي الْحَدِيثِ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ والأذن. أي: أن تكون
__________
(1) زيادة من ت.
(2) في ت، أ: "عرجها".
(3) المسند (4/284) وسنن أبي داود برقم (2802) وسنن الترمذي برقم (1497) وسنن النسائي (7/215) وسنن ابن ماجه برقم (3144) .
(4) في أ: "الأضحية".
(5) في أ: "الكسرة".
(6) سنن أبي داود برقم (2803) .
(7) زيادة من ف، أ.
(8) المسند (3/32) .
(9) زيادة من أ.

الصفحة 422