كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْر، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْر، قَالَ: قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ "النَّجْمَ" فَلَمَّا بَلَغَ هَذَا الْمَوْضِعَ: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى. وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخْرَى} قَالَ: فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانِهِ: "تِلْكَ الغَرَانيق الْعُلَى. وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ (1) تُرْتَجَى". قَالُوا: مَا ذَكَرَ آلهَتنا بِخَيْرٍ قَبْلَ الْيَوْمِ. فسجَدَ وَسَجَدُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ [فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ] (2) }
رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ بُنْدَار، عَنْ غُنْدَر، عَنْ شُعْبَةَ، بِهِ نَحْوَهُ (3) ، وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ حَمَّادٍ، عَنْ أُمِّيَّةَ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -فِيمَا أَحْسَبُ، الشَّكُّ فِي الْحَدِيثِ-أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بِمَكَّةَ سُورَةَ "النَّجْمِ"، حَتَّى انتَهَى إِلَى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى} ، وَذَكَرَ بَقِيَّتَهُ. ثُمَّ قَالَ الْبَزَّارُ: لَا (4) يُرْوَى مُتَّصِلًا إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ أُمَيَّةُ بْنُ خَالِدٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ. وَإِنَّمَا يُروى هَذَا مِنْ طَرِيقِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (5) .
ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَعَنِ السُّدِّيِّ، مُرْسَلًا. وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، مُرْسَلًا أَيْضًا (6) .
وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [يُصَلِّي] (7) عِنْدَ الْمَقَامِ إِذْ نَعَس، فَأَلْقَى الشَّيْطَانُ عَلَى لِسَانهِ "وَإِنَّ شَفَاعَتَهَا لَتُرْتَجَى. وَإِنَّهَا لَمَعَ الْغَرَانِيقِ الْعُلَى"، فَحَفِظَهَا الْمُشْرِكُونَ. وَأَجْرَى الشَّيْطَانُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَدْ قَرَأَهَا، فزَلَّت بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ [وَلا نَبِيٍّ إِلا إِذَا تَمَنَّى] (8) } الْآيَةَ، فدَحَرَ اللَّهُ الشَّيْطَانَ.
ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ أَبِي مُوسَى الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ المُسَيَّبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْح، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أُنْزِلَتْ سُورَةُ النَّجْمِ، وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ هَذَا الرَّجُلُ يَذْكُرُ آلِهَتَنَا بِخَيْرٍ أَقْرَرْنَاهُ وَأَصْحَابَهُ، وَلَكِنَّهُ لَا يَذْكُرُ مَنْ خَالَفَ دِينَهُ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى بِمِثْلِ الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَنَا مِنَ الشَّتْمِ وَالشَّرِّ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِ اشْتَدَّ عَلَيْهِ مَا نَالَهُ وَأَصْحَابَهُ مِنْ أَذَاهُمْ وَتَكْذِيبِهِمْ، وَأَحْزَنَهُ ضَلَالُهُمْ، فَكَانَ (9) يَتَمَنَّى هُداهم، فَلَمَّا أَنْزَلَ الله سورة
__________
(1) في ت، ف: "شفاعتهم".
(2) زيادة من ف، أوفي ت: "الآية".
(3) تفسير الطبري (17/133) .
(4) في ف، أ: "لا نعلمه".
(5) مسند البزار برقم (2263) "كشف الأستار".
(6) تفسير الطبري (17/131) .
(7) زيادة من أ.
(8) زيادة من ف، أ.
(9) في ف: "وكان".

الصفحة 442