كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ مُهَاجِرٍ أَوْ غَيْرِ مُهَاجِرٍ، فَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مَعَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ إِجْرَاءَ الرِّزْقِ عَلَيْهِ، وَعَظِيمِ إِحْسَانِ اللَّهِ إِلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا المسيَّب بْنُ وَاضِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَيْح، عَنِ ابْنِ (1) الْحَارِثِ -يَعْنِي: عَبْدَ الْكَرِيمِ-عَنِ ابْنِ عُقْبَةَ -يَعْنِي: أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عُقْبَةَ-قَالَ: حَدَّثَنَا (2) شُرَحْبِيل بْنُ السِّمْط: طَالَ رِبَاطُنَا وَإِقَامَتُنَا عَلَى حِصْنٍ بِأَرْضِ الرُّومِ، فَمَرَّ بِي سَلْمَانُ-يَعْنِي: الْفَارِسِيَّ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: "مَنْ مَاتَ مُرَابِطًا، أَجْرَى اللَّهُ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ الْأَجْرِ، وَأَجْرَى عَلَيْهِ الرِّزْقَ، وَأَمِنَ (3) مِنَ الفَتَّانين" وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ}
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ، أَخْبَرَنِي هَمَّامٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا قُبَيْلٍ وَرَبِيعَةَ بْنَ سَيْفٍ الْمُعَافِرِيَّ يَقُولَانِ: كُنَّا بِرُودِسَ، وَمَعَنَا فَضَالة بْنُ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ -صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-فَمَرَّ بِجِنَازَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا قَتِيلٌ وَالْأُخْرَى مُتَوَفًّى، فَمَالَ النَّاسُ عَلَى الْقَتِيلِ، فَقَالَ فَضَالَةُ: مَا لِيَ (4) أَرَى النَّاسَ مَالُوا مَعَ هَذَا، وَتَرَكُوا هَذَا؟! فَقَالُوا: هَذَا قَتِيلٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أُبَالِي مِنْ أَيِّ حُفرتيهما بُعثت، اسْمَعُوا كِتَابَ اللَّهِ: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا [لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ] (5) }
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ لَهِيعة، حَدَّثَنَا سَلَامَانُ بْنُ عَامِرٍ الشَّعْبَانِيُّ، أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ جَحْدَم الْخَوْلَانِيَّ حَدَّثَهُ: أَنَّهُ حَضَرَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ فِي الْبَحْرِ مَعَ جِنَازَتَيْنِ، أَحَدُهُمَا أُصِيبَ بِمَنْجَنِيقٍ وَالْآخَرُ تُوُفِّيَ، فَجَلَسَ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ عِنْدَ قَبْرِ الْمُتَوَفَّى، فَقِيلَ لَهُ: تَرَكْتَ الشَّهِيدَ فَلَمْ تَجْلِسْ عِنْدَهُ؟ فَقَالَ: مَا أُبَالِي مِنْ أَيِّ حُفْرَتَيْهِمَا بعثتُ، إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا [لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ. لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلا] (6) يَرْضَوْنَهُ} فَمَا تَبْتَغِي (7) أَيُّهَا الْعَبْدُ إِذَا أُدْخِلْتَ مُدْخَلًا تَرْضَاهُ وَرُزِقَتْ رِزْقًا حَسَنًا، وَاللَّهِ مَا أُبَالِي مِنْ أَيِّ حُفْرَتَيْهِمَا بُعِثْتُ.
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ ابْنِ وَهَبٍ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْح، عَنْ سَلَامَانَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: كَانَ فَضَالَةُ بِرُودِسَ أَمِيرًا عَلَى الْأَرْبَاعِ، فَخُرِجَ بِجِنَازَتَيْ رَجُلَيْنِ، أَحَدِهِمَا قَتِيلٌ (8) والآخر متوفى ... فذكر نحو ما تقدم (9) .
__________
(1) في أ: "أبي".
(2) في أ: "قال".
(3) في أ: "وأومن".
(4) في أ: "ما".
(5) زيادة من ف، أوفي هـ، ت: "حتى آخر الآية".
(6) زيادة من ف، وفي ت: "إلى قوله".
(7) في أ: "ينبغي".
(8) في أ: "قتل".
(9) تفسير الطبري (17/136) .

الصفحة 448