كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُمُ الرَّاجِعُونَ إِلَى الْخَيْرِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُورًا} قَالَ: هُوَ الَّذِي إِذَا ذَكَرَ ذُنُوبَهُ فِي الْخَلَاءِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا. وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ مُجَاهِدٌ (1) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلأوَّابِينَ غَفُورًا} قَالَ: كُنَّا نُعِدُّ الْأَوَّابَ الْحَفِيظَ، أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَصَبْتُ (2) فِي مَجْلِسِي هَذَا (3) .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَالْأَوْلَى فِي ذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: هُوَ التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ، الرَّاجِعُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ إِلَى الطَّاعَةِ، مِمَّا يَكْرَهُ اللَّهُ إِلَى مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ (4) .
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّابَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْأَوْبِ وَهُوَ الرُّجُوعُ، يُقَالُ: آبَ فُلَانٌ إِذَا رَجَعَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} [الْغَاشِيَةِ: 25] ، وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرٍ قَالَ (5) : آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ" (6) .
{وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27) } .
__________
(1) في ف: "ووافقه مجاهد في ذلك".
(2) في ت: "ما أحببت".
(3) تفسير عبد الرزاق (1/320) .
(4) تفسير الطبري (15/52) .
(5) في ف، أ: "يقول".
(6) رواه البخاري في صحيحه برقم (1797) من حديث ابن عمر، رضي الله عنهما
{وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُلْ لَهُمْ قَوْلا مَيْسُورًا (28) }
لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى بِرَّ الْوَالِدَيْنِ، عَطَفَ بِذِكْرِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْقَرَابَةِ وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ: "أُمَّكَ وَأَبَاكَ، ثُمَّ أَدْنَاكَ أَدْنَاكَ" وَفِي رِوَايَةٍ: "ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ".
وَفِي الْحَدِيثِ: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ رِزْقُهُ (1) وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَجَلِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" (2) .
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ، حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ (3) حَدَّثَنَا فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَطِيَّةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ، هَذِهِ الْآيَةُ {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاطمة فَأَعْطَاهَا "فَدَكَ". ثُمَّ قَالَ: لَا نَعْلَمُ حَدَّثَ بِهِ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ إِلَّا أَبُو يَحْيَى التَّيْمِيُّ (4) وَحُمَيْدُ بْنُ حَمَّادِ بْنِ أَبِي الخوار (5) (6) .
__________
(1) في ت، ف، أ: "له في رزقه".
(2) رواه البخاري في صحيحه برقم (5986) ومسلم في صحيحه برقم (2557) .
(3) في ت: أبو نجي التمي"، وفي ف: "التميمي".
(4) في ت: "أبو نجي التميمي".
(5) في ت، ف، أ: "الجوزاء".
(6) مسند البزار برقم (2223) "كشف الأستار" وعطية العوفي متروك.

الصفحة 68