كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 5)

اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا وَمَلَكَانِ يَنْزِلَانِ مِنَ السَّمَاءِ يَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا" (1) .
وَرَوَى مُسْلِمٌ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ (2) عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: "مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا (3) وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ" (4) .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: "إِيَّاكُمْ والشُّح، فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا" (5) .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعْدَانَ بْنِ نَصْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، [عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ] (6) عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا يُخْرِجُ رَجُلٌ صَدَقَةً، حَتَّى يَفُكَّ لَحْيَى سَبْعِينَ شَيْطَانًا" (7) .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، حَدَّثَنَا سُكَين (8) بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ الْهِجْرِيِّ، عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعوده قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا عَالَ مَنِ اقْتَصَدَ" (9) .
وَقَوْلُهُ [تَعَالَى] (10) {إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ} إِخْبَارٌ أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الرَّزَّاقُ، الْقَابِضُ الْبَاسِطُ، الْمُتَصَرِّفُ فِي خَلْقِهِ بِمَا يَشَاءُ، فَيُغْنِي مَنْ يَشَاءُ، وَيُفْقِرُ مَنْ يَشَاءُ، بِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا} أَيْ: خَبِيرٌ بَصِيرٌ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْغِنَى وَمَنْ يَسْتَحِقُّ الْفَقْرَ (11) ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: "إِنَّ مِنْ عِبَادِي مَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْفَقْرُ، وَلَوْ أَغْنَيْتُهُ لَأَفْسَدْتُ عَلَيْهِ دِينَهُ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي لَمَنْ لَا يُصْلِحُهُ إِلَّا الْغِنَى، وَلَوْ أَفْقَرْتُهُ لَأَفْسَدْتُ عَلَيْهِ دِينَهُ".
وَقَدْ يَكُونُ الْغِنَى فِي حَقِّ بَعْضِ النَّاسِ اسْتِدْرَاجًا، وَالْفَقْرُ عُقُوبَةً عِيَاذًا بِاللَّهِ مِنْ هَذَا وَهَذَا.
{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (31) }
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنَ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ ينهى [تعالى] (12)
__________
(1) صحيح البخاري برقم (1442) وصحيح مسلم برقم (1010) .
(2) في ف: "عن العلاء بن عبد الرحمن".
(3) في ت، ف، أ: "إلا غنى".
(4) صحيح مسلم برقم (2588) .
(5) رواه أحمد في المسند (2/159) وأبو داود في السنن برقم (1698) وابن حبان في صحيحه برقم (1580) "موارد" من طرق عَنْ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الحارث، عن أبي كثير الزبيدي به.
(6) زيادة من ف، أ، والسنن الكبرى، وصحيح ابن خزيمة.
(7) السنن الكبرى (4/187) ورواه ابن خزيمة في صحيحه برقم (2457) من طريق محمد المخزومي، عن أبي معاوية، به، وقال: "إن صح الخبر، فإني لا أقف هل سمع الأعمش من ابن بريدة أم لا".
(8) في ت: "مسكين"، وفي ف، أ: "سكن".
(9) المسند (1/447) وقال الهيثمي في المجمع (10/252) : "فيه إبراهيم بن مسلم الهجري وهو ضعيف".
(10) زيادة من ت.
(11) في ف، أ: "بمن يستحق الفقر ومن يستحق الغنى".
(12) زيادة من ت، ف، أ.

الصفحة 71