كتاب تفسير ابن كثير ت سلامة (اسم الجزء: 6)
انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِ الْكُتُبِ [السِّتَّةِ] (1) ، سِوَى النَّسَائِيِّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ (2) .
ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ إِسْحَاقَ -هُوَ ابْنُ مَنْصُورٍ -عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ (3) السَّهْمِيِّ، عَنْ حُمَيد، عَنْ أَنَسٍ، بِنَحْوِ ذَلِكَ (4) ، وَقَالَ: "رَجُلَانِ" انْفَرَدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ (5) : حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُظَفَّرِ، حَدَّثَنَا جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْجَعْدِ -أَبِي عُثْمَانَ اليَشْكُرِي -عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: أَعْرَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَعْضِ نِسَائِهِ، فَصَنَعَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا ثُمَّ وَضَعَتْهُ (6) فِي تَوْر، فَقَالَتْ: اذْهَبْ بِهَذَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّ هَذَا مِنَّا لَهُ قَلِيلٌ -قَالَ أَنَسٌ: وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ فِي جَهد -فَجِئْتُ بِهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَعَثَتْ بِهَذَا أُمُّ سُلَيم إِلَيْكَ، وَهِيَ تُقْرِئُكَ السَّلَامَ، وَتَقُولُ: أَخْبِرْهُ أَنَّ هَذَا مِنَّا لَهُ قَلِيلٌ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: "ضَعْهُ" فوَضَعته فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، ثُمَّ قَالَ: "اذْهَبْ فَادْعُ لِي فُلَانًا وَفُلَانًا". وَسَمَّى رِجَالًا كَثِيرًا، وَقَالَ: "ومَنْ لقيتَ مِنَ [الْمُسْلِمِينَ". فدعوتُ مَنْ قَالَ لِي، ومَنْ لَقِيتُ مِنَ] (7) الْمُسْلِمِينَ، فَجِئْتُ وَالْبَيْتُ والصُّفَّة وَالْحُجْرَةُ مَلأى مِنَ النَّاسِ -فَقُلْتُ: يَا أَبَا عُثْمَانَ، كَمْ كَانُوا؟ فَقَالَ: كَانُوا زُهَاءَ ثَلَاثِمِائَةٍ -قَالَ أَنَسٌ: فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "جِئْ بِهِ". فجئتُ بِهِ إِلَيْهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَدَعَا وَقَالَ: "مَا شَاءَ اللَّهُ". ثُمَّ قَالَ: "ليتَحَلَّق عَشَرة عَشَرة، وَلْيُسَمُّوا (8) ، وَلْيَأْكُلْ كُلُّ إِنْسَانٍ مِمَّا يَلِيهِ". فَجَعَلُوا يُسَمُّونَ وَيَأْكُلُونَ، حَتَّى أَكَلُوا كُلُّهُمْ. فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ارْفَعْهُ". قَالَ: فجئتُ فَأَخَذْتُ التَّورَ فَمَا أَدْرِي أَهْوَ حِينَ وَضَعْتُ أَكْثَرُ أَمْ حِينَ أَخَذْتُ؟ قَالَ: وَتَخَلَّفَ رِجَالٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ، وزَوجُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي دَخَلَ بِهَا مَعَهُمْ مُولّية وَجْهِهَا إِلَى الْحَائِطِ، فَأَطَالُوا الْحَدِيثَ، فَشَقُّوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ أَشَدَّ النَّاسِ حَيَاءً -وَلَوْ أُعْلِمُوا (9) كَانَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ عَزِيزًا -فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ فَسَلَّمَ عَلَى حُجَره وَعَلَى نِسَائِهِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَدْ جَاءَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ ثَقَّلوا عَلَيْهِ، ابْتَدَرُوا الْبَابَ فَخَرَجُوا، وَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَرْخَى السِّتْرَ، وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَأَنَا فِي الْحُجْرَةِ، فَمَكَثَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِهِ يَسِيرًا، وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} إِلَى قَوْلِهِ: {بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} . قَالَ أَنَسٌ: فَقَرَأَهُنَّ عَليّ قَبْلَ النَّاسِ، فَأَنَا أحْدثُ الناس بهن عهدا.
__________
(1) زيادة من ت، ف، أ.
(2) صحيح البخاري برقم (4793) والنسائي في السنن الكبرى برقم (10101) .
(3) في أ: "بكير".
(4) صحيح البخاري برقم (4794) .
(5) في ت: "روى مسلم والنسائي".
(6) في ت، ف: "جعلت".
(7) زيادة من ف، أ.
(8) في ت، ف، أ: "ويسموا".
(9) في ت، ف، أ: "علموا".
الصفحة 452